رواية كامله بقلم ندي محمود
المحتويات
سوف يعود أخيرا لهم بعد غياب دام لخمس سنوات
انقبض قلب ابنتها فور رؤيتها لدموعها فجذبت الهاتف من يد أمها ووضعته فوق أذنها تهتف في تلهف وعدم استيعاب
هشام إنت بجد جاي ولا بتهزر !!!
أيوة النهارده بليل بإذن الله هكون عندكم
انطلقت منها صړخة اخترقت اذناه بقوة وهي تثب جالسة من مقعدها وقد أدمعت عيناها من سعادتها فلو تركت زمام دموعها لاڼفجرت مثل أمها بينما هو فهتف شبه ضاحكا بريبة
هدرت في نبرة مغلفة بالبكاء
من الفرحة مش مصدقين أخيرا هترجع ياهشام
ولا أنا مصدق والله أنا من امبارح مش عارف أنام من كتر التفكير وحشتوني أوي
ألاء بمشاكسة
كذاب لو وحشناك كنت نزلت زيارة وشوفتنا حتى ده إنت آخر مرة نزلت فيها زيارة كانت من تلات سنين ويدوب اخدت اسبوع وسافرت تاني !
إن شاء الله المرة دي مفيش غياب تاني
ألاء بذهول وعدم استيعاب
واحدة واحدة علينا ياعم أنا كدا هقعد جمب الوالدة واعيط زيها
هي بټعيط جامد بجد !!!
ألاء ضاحكة في سعادة غامرة
دي خلصت علبة مناديل في الدقيقتين دول بس
طيب ادهاني اكلمها !
ألاء برفض وحماس
أنا هي هنسهقبلك بليل احلى استقبال
قهقه بخفة واستمر حديثه معها لدقائق أخرى حتى ودعها واغلق بعدما طرأ له عمل طاريء بالمستشفى واضطر لإنهاء حديثه مع عائلته
كانت أسمهان تقف أمام خزانتها تبحث بين ملابسها عن ذلك الدفتر الصغير الخاص بها وأثناء بحثها وقعت يدها على صور قديمة لا تعرف كيف تلك الصورة لا تزال معها ! تذكر أنها
التقطتها بين يديها تتطلع إليها بصمت وقد احتدمت نظراتها بشدة لتشوبها غمامة من الغل والبغض مجرد تذكرها لذلك اليوم يثير چنونها واشمئزازها ليتها أبت ولم تنصاع خلف أصوات قلبها السخيفة لكن ماذا يفيد الندم بعد فوات الآوان بل في الواقع كلاهما لا يحق لهم الندم أساسا
ادخل
دخلت إحدى الخادمات تحمل فوق يديها الطعام الخاص بها هاتفية
اتفضلي يا هانم
أسمهان باستغراب وحدة
جايبة الأكل هنا ليه آدم زمانه على وصول وهناكل مع بعض !
ابتلعت الخادمة ريقها بتوتر من العاصفة التي ستهب الآن إذا أخبرتها بما حدث لكن بالأخير ردت مغلوبة
أسمهان بحيرة
ليه مش جاي وإزاي عرفتي
من شدة توترتها ظهر التعرق فوق جبهتها حيث ردت باضطراب وخوف
ليلى اتصلت بيا وقولتالي ابلغ حضرتك إن آدم بيه راح المستشفى عند البنت اللي اسمها مهرة لأن جدتها تعبانة
اشتعلت عينان أسمهان بالنيران لتسأل في تأكيد
مهرة دي البنت اللي لسا شغالة جديد في الشركة مش كدا !
أماءت لها الخادمة برأسها في إيجاب وحين رفعت نظرها تتطلع لأسمهان رأتها عبارة عن جمرة ملتهبة واخذت تتحرك يمينا ويسارا صائحة في عصبية
بيعمل إيه
مع البنت البيئة دي ماشي يا
آدم
اقتربت الخادمة ووضعت الطعام فوق الطاولة پخوف ثم
همست في خفوت مضطرب
عن أذنك
وفورا استدارت وهرولت مسرعة تغادر قبل أن تفقد أعصابها أكثر من ذلك فتكون هي كبش الفداء وتخسر عملها دون سبب !!
يقف على مسافة ليست ببعيدة منها يتأملها بأعين محبة ترتدي ثوبها الصباحي الأحمر ذو الأكمام الطويلة شعرها يتطاير حولها بفعل نسمات الهواء الرقيقة وبيدها تمسك دلو سقى الزرع تقوم بسكب الماء من الفتحات الصغيرة في الدلو تسقي بها ورودها الحمراء مثلها وفوق شفتيها ابتسامة ناعمة تسرق العقل
هي زهرته الجميلة التي تنثر عبقها بكل مكان تخطوه قدميها الناعمتين فتسلبه عقله بشذا عطرها المميز
تقدم منها بخطوات هادئة فيراها وهي تنحنى بوجهها على الزهور تستنشق رائحتهم وفور شعورها به بجوارها رفعت رأسها وقالت في عفوية بإشراقة وجه
شكلهم جميل أوي مش كدا
لم يحيد بنظره عنها وهو يتأملها مبتسما ويجيب هامسا بعينان ثابتة عليها غير مباليا بتلك الزهور بجانب زهرته الأجمل على الأطلاق
امممم جميلة أوي
انتبهت لنظراته لها فارتبكت قليلا واسرعت تشيح بنظرها عنه تهتف في جمود بعدما رأته مردتيا ملابسه ومستعدا للذهاب
إنت رايح الشغل
همهم بصمت دون أن يجيب ثم انحنى عليها يقبل وجنتها بلطف ولم يمهلها اللحظة حتى ترمقه كالعادة على فعلته حيث تابع فور
النهارده هاخد رمانتي ونتعشى برا ونقضى وقت لطيف جهزي نفسك بليل
غضنت حاجبيها باستغراب وهتفت في جدية
ليه إيه المناسبة !!!
عدنان بخفوت جميل وابتسامة
من غير مناسبة مش لازم يكون في مناسبة عشان اخدك ونطلع نقضي وقت لطيف مع بعض
ابتسمت باستنكار عاقدة ذراعيها أمام صدرها تلقي عليه بسهام كلماتها القاسېة
امممم أصل مش متعودة على الاهتمام منك أو إنك تفكر فيا أساسا عشان كدا مستغربة
تلاشت ابتسامته ونجحت بالفعل في مبتغاها لكنها وجدته يمد أنامله لخصلاتها يبعدها عن عنيها هامسا في نظرة ذات معنى ونبرة جادة تحمل وعيدا عاطفيا
وأنا سبق ووعدتك إنك هتشوفي شخص تاني ياجلنار وقولتلك إنك من هنا ورايح هتاخدي وبس مني يعني اتعودي على الاهتمام والحب ده
جلنار باسمة بسخرية وصوت يضمر خلفه المرارة
حب وهتديني الحب إزاي وإنت مش بتحبني ياعدنان !!
رأته ينحنى مجددا عليها يلثم وجنتها بقوة ثم يهمس بالقرب من أذنها بنبرته الرجولية العاطفية
ومين قالك إني مبحبكيش !
صابها السكون الممتزج بدهشتها من رده وكالمرة السابقة لم يترك لها الفرصة لتجيب حيث ابتعد وقال غامزا
جهزي نفسك بليل زي ما قولتلك أنا همشي عشان اتأخرت
وباللحظة التالية كان يثير مبتعدا في اتجاه سيارته يتركها متصنمة مكانها بعدم فهم أو استيعاب لما تفوه به للتو
توقف بسيارته أمام مبنى المستشفى ثم ترجل منها وقاد
خطواته السريعة للداخل كانت إحدى المستشفيات العامة مكتظة وممتلئة بالمرضى والأطفال وجميع الفئات وقف للحظة يتجول بنظره في الأرجاء يبدو أنا سيبحث عنها بنفسه !
اتجه نحو الدرج يصعد للطابق الثاني ثم وقف بمقدمته وعيناه تبحث عنها لكن لا وجود لها فأكمل صعوده للطابق الثالث والأخير ليندفع يسير به باحثا عنها وأخيرا عيناه التقطتها تجلس فوق أحد المقاعد وتبكي پعنف ثم ترفع أناملها تجفف دموعها بظهر يدها كالأطفال دون أن تتوقف عن ذرف الدموع
تقدم منها في خطوات شبه سريعة حتى وصل إليها فانحنى عليها بجسده يضع كفه برفق فوق كتفها هامسا
مهرة !
نبرة صوته مميزة تستطيع تميزه به وسط جيش من الرجال أو ربما قلبها هو من يميزه رفعت رأسها بسرعة تتطلعه بعيناها الغارقة ولم تشعر بنفسها سوى وهي تهب واقفة تتعلق برقبته وتبكي بنشيج مرتفع
انتابها شعورا بالآمان فور رؤيتها له ودفعها قلبها لمعانقته والتعلق به كطوق النجاة الذي سيأخذ بيدها النور مشاعر غريبة تتمكن منها وبقدر ما هي تخيفها إلا أنها جميلة !
الدكتور قال إن في انخفاض حاد في نسبة السكر ودخلت في
غيبوبة سكر
تملكه القلق هو الآخر حيث أبعدها عنه بلطف وهتف
هي عندها السكر !
هزت رأسها بالإيجاب وتابعت في ندم وألم
كله بسببي يارتني قولتلها أنا يمكن مكنش ده حصلها كانت هتسمع منى احسن ما تسمع من
الغريب
طيب اهدي واقعدي الأول بس وفهميني هو ده حصل إزاي !
جففت دموعها وردت بصوت مبحوح مجفلة نظرها الأرض بخجل ومرارة
واحدة من الجيران جات عندنا وقالتها على اللي حصل معايا لما اتخطفت وكمان على الكلام والأشاعات اللي طلعتها عليا اللي متتسمي بدرية الهي ربنا ينتقم منها مطرح ما هي مرزوعة
وطبعا هي أول ما سمعت الكلام ده تعبت ومقدرتش تستحمل
آدم عاقدا حاجبيه باستغراب
اشاعات !!!
هتفت مسرعة في أسى وخنق دون أن ترفع نظرها عن الأرض
قالت عليا كلام مش كويس
يا آدم يعني عشان تخلي
سمعتي في الطين في المنطقة
لم يرد أن يضغط عليها أكثر خصوصا في هذا الوقت رغم أن ما سمعه للتو ألهب نيران الڠضب بداخله إلا أنه لم يظهر لها شيء وهتف في حنو وصوت هاديء يبعث الطمأنينة
بصي بعدين تبقى تحكيلي الموضوع ده بالظبط لكن دلوقتي مش وقته إنتي اهدي الأهم ومټخافيش هتفوق وهتبقى زي الفل أنا واثق
يارب
هو فين أوضة الدكتور تعرفيها
ليه
هتكلم معاه شوية واعرف منه تفاصيل اكتر عن حالة جدتك فينها الأوضة
أشارت بسبابتها على أحدي الغرف بالجهة المقابلة متمتمة
شوفته دخل الأوضة دي
استقام واقفا وقال بجدية
طيب خليكي هنا متتحركيش من مكانك وأنا مش هتأخر عليكي
هزت رأسها بالإيجاب وتابعته وهو يسير متجها لتلك الغرفة التي أشارت إليها وبمجرد دخوله واختفائه عن انظارها عادت دموعها تنهمر من جديد ولكن بصمت !
في مساء ذلك اليوم
تجلس بجواره في مكتبه الخاص وأمامهم عدة أوراق خاصة بالعمل يعملون منذ ساعتين تقريبا كلاهما يملي على الآخر بعض الأفكار لتحسين وضع معين يخص العمل فيتبادلون الأحاديث والافكار بتفهم وجدية
توقفا عن الحديث والتقطت هي ملفا تتفقد أوراقه وتقرأه بعناية غير منتبهة لنظراته التي تعلقت عليها يتأملها بسكون وغرام وبعد ثلاث دقائق من الصمت التام التفتت برأسها له على حين غرة وكانت ستهم بالتحدث لولا ملاحظتها لعيناه الثابتة عليها فاضطربت وهمست بريبة
شو صار لك ليش عم تتطلع فيني هيك !!
رأت شبح ابتسامته العبثية تظهر فوق شفتيه ليجيبها غامزا بمكر
بتأمل في الجمال اللي قاعد جمبي ده اصل حاسس إنه محلو النهارده مش كدا ولا أنا متهيألي
رمشت بعيناها عدة مرات في صدمة قبل أن تشيح بوجهها للجهة الأخرى مسرعة وتهتف متذمرة بخجل شديد
حاتم حاج تخجلني كل مرة هيك !!
ضحك وقال مشاكسا إياها مستمتعا بخجلها
وتخجلي ليه هو أنا قولت حاجة غلط ! أنا بس قولت اللي شايفه
رفعت يدها لا إراديا ترجع خصلات شعرها المنسدلة على وجهها للخلف مبتسمة باستحياء ملحوظ وتجيب في خفوت
thank you !
أجابها بمداعبة وعينان تطلق نظرات غريبة ومختلفة
your welcome babe على الرحب والسعة ياعزيزتي
أنا آسف
نظرت له مجددا وهدرت باستغراب
لشو !!!
حاتم معتذرا بلطف وحنو
على اللي عملته معاكي في اليوم اللي اتأخرتي فيه برا اتعصبت عليكي جامد وزودتها بس مكنتش عارف أنا بعمل إيه والله من كتر عصبيتي وخصوصا لما قولتلي إنك مع راجل اټجننت متزعليش مني !
ابتسمت برقة ثم غمغمت في لؤم
أي تمام ماني زعلانة خلص بس إذا تكررت مرة تاني ما راح مرأها بسهولة هيك ليكون بعلمك يعني مشان ما تفكر تتكررها
حاتم ضاحكا بمرح
ياشرس إنت
نادين بحزم مصطنع مانعة ابتسامتها من الظهور فوق ثغرها
خلينا نكمل الشغل مو وقت الكلام هلأ
قهقه بخفة عليها بعدما لاحظ تغييرها لمجرى الحديث في محاولة بائسة لإخفاء خجلها بتصنعها للحزم !!
يجلس بحديقة المنزل فوق المقعد الهزاز يرتدي حلته الرجولية وكل لحظة والأخرى يرفع يده يتفقد ساعته فقد أوشك على الساعة وهو ينتظرها هكذا بالخارج ولم تنتهى بعد !
ترك صغيرته مع جدتها وكان سيأتي ويأخذها في المساء أثناء عودتهم للمنزل لكن أسمهان رفضت وأصرت بأن حفيدتها ستقضي الليلة معها
متابعة القراءة