رواية كامله بقلم ندي محمود
المحتويات
رنين هاتفه فأسرع بسرعة يلتقطه ويكتم صوت الرنين خشية من أن يزعجها في نومها ثم أجاب على المتصل الذي كان
نشأت ولكن الصوت الذي وصله عبر الهاتف لم يكن نشأت أبدا بل صغيرته المشاغبة وهي تهتف بعبس
بابي إنتوا فين
أجابها بصوت منخفض وهاديء
صباح الخير ياهنايا أنا وماما روحنا مشوار وراحعين دلوقتي
وليه سبيتوني ومخدتونيش معاكم !!
ابتسم وأجاب بخفوت ولطف
مينفعش ياحبيبتي ناخدك المرة الجاية هناخدك ان شاء الله اوعدك
انقطع صوتها وسكنت للحظات ثم عادت تتحدث من جديد لكنها سألته بذكاء طفولي
إنت ليه بتكلمني بصوت واطي
يابابي !!
اندهش من سؤالها ولم يسعفه عقله في ايجاد حيلة سريعة يجيب بها عليها حيث رد ببلاهة متصنعة
هنا بأصرار وثقة
لا صوتك واطي
عدنان بغيظ من عنادها وقد ارتفعت نبرة صوته قليلا
إنتي هتعرفي اكتر مني يعني أنا بقولك صوتي مش واطي
هنا بنبرة قوية لا تلائم طفلة أبدا
طيب أنا عايزة اكلم مامي
عدنان مختلقا حيلة
مامي مش جمبي أول ما تيجي هخليها تتصل بيكي وتكلمك
دلوقتي حالا
وعد !
ضحك ورد بإيجاب
هنا بضحكة ناعمة وجميلة
ماشي باي يابابي بحبك
وأنا بعشقك ياروح بابي باي
بنتك لو اتأخرنا عليها اكتر من كدا هتفضحنا على الفضائيات
تململت في الفراش بانزعاج وردت عليه بكسل دون أن تفتح عيناها
قولتلك نجيبها معانا !
بغيظ
نجيبها وماله عشان مكنتش هعرف المسک مش نقضى ليلة رومانسية دي بتعشق هدم لحظاتي معاكي
ابتسمت في نومها رغما عنها بعد عباراته لكنها ردت عليه بخمول ورفض
سيبني بقى ياعدنان عايزة أنام والله
عدنان بتعجب
إيه الكسل ده !! من إمتى وإنتي بتحبي النوم والكسل كدا ولا ده من أثر الحمل !
اووووف ياعدنان خلاص صحيت
غمز لها ضاحكا وهو يهدر مغازلا إياها
أجمل رمانة تفتح عيناها في الصباح عشان تنور يومي كله
أخفت ابتسامتها بصعوبة وردت بعبوس وهي تهب جالسة
طب وكدا !!
ماشي خلاص أنا هقوم اخد دش عشان نلبس ونرجع البيت لهنا هانم
بمساء ذلك اليوم
تحاول منذ وقت طويل الاتصال بأبيها لكن دون فائدة حتى عدنان لا يجيب على هاتفها مما صابها بالقلق والخۏف الشديد الوقت تأخر وليس من عادة أبيها أن يتأخر هكذا وحتى عدنان دائما ما يجيب على اتصالاتها فورا لكن تجاهلهم هم الأثنين لاتصالاتها لا يشعرها بالخير أبدا !
غادرت غرفتها ومن غرفتها الدرج حيث الطابق الثاني ثم وصلت لباب المنزل لتفتحه وتسير طول الحديث
تقصد الحارس الذي فور وصولها له استقام واقفا بسرعة ورد بأدب
اؤمري ياجلنار هانم
جلنار بحيرة
متعرفش بابا راح فين ياعم منصور !
استغرب من سؤالها ورد عليها بكل عفوية
نشأت باشا وعدنان بيه كمان في المستشفى !
فغرت شفتيها وعيناها پصدمة وإحالته بعدم استيعاب
مستشفى إيه وليه
أدرك بعد سؤالها أنها لم تكن تدري بالأمر وأنه أخطأ حين أخبرها بتلقائيته السخيفة فرد عليها باضطراب
هو إنتي مكنتيش تعرفي ياهانم !!
جلنار بانفعال وارتيعاد ملحوظ في نبرة صوتها
رد عليا ياعم منصور بابا وعدنان بيعملوا إيه في المستشفى !
الفصل الرابع والسبعون
الأخير
السيارة تشق الطرقات بسرعة كبيرة وعيناها عالقة على زجاج السيارة تتابع الطريق بعقل شارد وعينان دامعة منذ أن أخبرها السائق أن والدها يخضع الآن لعملية جراحية خطېرة بالمخ وقلبها يسحق تحت الألم والړعب أفكار قاسېة ټضرب بذهنها ماذا لو فشلت العملية ماذا لو كان لقاء الصباح هو آخر لقاء لها مع أبيها ماذا يتبعه ألف سؤال في حلقة ذهنها المرتعدة ولا يسعها فعل شيء سوى البكاء بصمت لا تدري أتغصب لأنهم اخفوا حقيقة مرضه عنها حتى أنهم لم يخبروها بأمر جراحته الذي يخضع لها الآن أم ترتعد وتدخر ذلك الڠضب حتى تطمئن عليه وبعدها تفرغ كل تكتظ به نفسها المضطربة !
لأول مرة تشعر بقهرها ورعبها الحقيقي من خسارة والدها رغم كل شيء فعله معها بالماضي لكنه دوما سيظل والدها وحبها له لن يحظى به غيره !
توقفت السيارة أخيرا بعد دقائق مرت كالسنين وهي تنتظر وصولهم للمستشفى التي فور وصول السيارة لها فتحت الباب واندفعت راكضة للداخل ومن فرط توترها نست أن تسأل بالاستقبال عن أي طابق وبأي غرفة عمليات موجود والدها بل راحت تجوب بالطوابق
كتائه يبحث عن مستقره الوديع
تصلبت بأرضها وعي تلهث بعدما لمحت عدنان يجلس فوق أحد المقاعد الحديدية على مسافة ليست ببعيدة من غرفة العمليات وعلامات الوجوم تحتل وجهه يحدق في الفراغ بصمت
استنشقت الأكسجين بصعوبة وربطت على قلبها ببأس ثم قادت خطواتها المرتجفة كأنفاسها تماما
نحو زوجها القابع بذلك الركن بعيدا عن الجميع ويستحوذه الصمت القاټل وقفت أمامه دون أن تتفوه بكلمة واحدة فقط صوت أنفاسها المتلاحقة هو المسموع !
رفع عدنان رأسه ناحيتها وغصن حاجبيه پصدمة لوجودها المفاجيء سرعان ما وثب واقفا وسمعها تسبقه وتسأل بعينان تخشى السؤال
بابا كويس
لم تشعر بشيء بعدها سوى بالقطرات الدافئة التي تسير فوق وجنتيها بانسيابية وصوتها الذي بدأ يرتجف وهي تتحدث
عدنان عشان خاطري قولي الحقيقية هو لسا في العمليات بجد
صدقيني لسا مطلعش والله وأنا واثق إن هيخرج منها سالم ومعافى ان شاء الله
أجفلت نظرها أرضا وتركت العنان لشلال دموعها في الانهمار ترغب في البدء بالعتاب والتعنيف أنه اخفي عنها مرض والدها لكنها ليست بوضع يسمح لها بالحديث كل ما
متقلقيش
هيخرج ويرجع معانا البيت ويبقى زي الفل كمان
نظرت له بعين دامعة تحمل كل البؤس وهي تقول بالأمل الشيء الوحيد الذي يسعها التعلق به الآن بعده هو
يارب ياعدنان أنا خاېفة أوى اخسر بابا أنا بحبه أوي
لم يتحدث واكتفى الثانية التي كانت تتحدث بدلا عنه تبعث إشارات الاطمئنان والآمان لها بأنه معها وسيبقى للأبد
ساعات مرت وعقارب الساعة أثبتت لما سميت بالعقارب بينما تمر بكل بطيء وأنت تنتظر على وشك المۏت !
الوقت كان الد الأعداء لها في تلك الساعات والخۏف هو صديقها أما
ذراعيه وصدره كانوا الترياق
حمدالله على سلامته الحمدلله العملية نجحت وهو كويس وحالته مستقرة بس هيفضل تحت المراقبة 24 ساعة زيادة اطمئنان وتحسبا لأي مضاعفات مفاجأة لكن حتى الآن اطمنوا هو بخير ومفيش أي خطړ على حياته
ارتفعت البسمة لشفتي عدنان ورد على الطبيب بامتنان وسعادة
الحمدلله شكرا يادكتور
على إيه ده واجبي
كان الطبيب على وشك الرحيل لولا صوت جلنار الخاڤت وهي تسأل بلمعة فرحة
ينفع ادخل اشوفه
رد الطبيب بمرونة باسما
مفيش مشكلة بس بدون كلام كتير وخمس دقايق كحد أقصى
أماءت له بالموافقة وهي تتسع ابتسامتها أكثر ثم تابعته بعيناها وهو يبتعد عن ناظريهم لتلتفت برأسها لعدنان واندفع نحوه تعانقه بسعادة متنهدة الصعداء براحة
الحمدلله بابا كويس
الحمدلله
ضمھا إليه أكثر وتمتم باسما
قولتلك هيخرج ويبقى كويس الحمدلله
لم تبتعد عنه إلا بعد لحظات طويلة وهي تتلذذ بشعورها بين ذراعيها لكي ترتدي الملابس الخاصة وتستعد للدخول له وزيارته
داخل غرفة المراقبة العناية المركزة
تقدمت جلنار بخطواتها الهادئة تجاه فراش أبيها وهي ترمقه بنظرات واهنة وعينان دامعة ترى الأجهزة المتصلة بجسده وهو يغلق عيناه نائما في هدوء
جلست على مقعد مجاور لفراشه وراحت تمد يدها تمسك بكفه الضعيف رغم ضخامته ابتسمت من أسفل قناع الوجه وبقت تتمعن النظر إليه بصمت حتى شعرت بأصابع يده تتحرك فلمعت عيناها بلهفة وسعادة لتهمس
بابا أنت كويس
فتح نشأت عيناه بوهن والټفت لها نصف التفاتة وراحت البسمة تجد طريقها فوق ثغره وهو يجيبها بصوت يكاد يسمع
أنا كويس ياجلنار الحمدلله
راحت تشكر ربها دون صوت وعيناها تعكس ابتسامتها داخلهم بوضوح بينما نشأت فتابع رغم تعبه وعدم قدرته على الكلام
متزعليش مني ياحبيبتي إني مقولتلكيش و
قاطعته بلين وهمست باسمة
مش وقته الكلام ده يابابا دلوقتي أهم حاجة أنك كويس وبخير الحمدلله بلاش تتكلم كتير عشان متتعبش نفسك
رنين الهاتف لا يتوقف منذ دقائق وهي أوشكت أن تلتقط ذلك الهاتف اللعېن وتلقيه بعرض الحائط لكي يتهشم ويتوقف عن الرنين للأبد
تحاول النوم لكن كيف وبجانبها ذلك الإزعاج المستمر لم تعرف هوية المتصل لكن اكتفت
طفح كيلها واصدرت صړخة مغتاظة لتلتقط الهاتف وتجيب بعصبية دون أن تتأكد من هوية المتصل
إيه قلة الزوق وعدم الاحترام ده في حد يتصل في الوقت ده ناس معندهاش ډم ومش محترمة صحيح
سمعت نبرة رجولية تعرفها جيدا تجيبها بلهجة مريبة
والله !!!
تلعثمت وجحظت عيناها بدهشة لتبعد الهاتف عن أذنها وتتفقد هوية المتصل لټضرب بيدها على وجهها في لطف ناعتة نفسها ب
حمقاء كل ذلك حدث في ظرف ثلاث ثواني وبالرابعة كانت تعود بالهاتف فوق أذنها وتجيبه باضطراب بسيط وابتسامة لم يراها لكن ظهرت في دلال نبرتها
آدم ! وحشتني أوي ياحبيبي والله
تجاهل تغذلها به حتى لا ينفجر بها وتابع بنفس نبرته السابقة
أنا قليل الزوق ومش محترم يا مهرة !!!
عضت على شفاها بتوتر ثم ابعدت الهاتف قليلا عن أذنها وهمست
يارب سامحني على الكدب ده
وفورا
عادت به مجددا تجيبه بجدية متصنعة ورقة جميلة
لا طبعا ياحبيبي أنا مقصدش ده أنت صفة الاحترام موجودة عشانك أساسا
آدم بوعيد مغتاظ
بعيدا عن اللي بتقوليه ده وأنا فاهم إنك بتاخديني على قد عقلي بس هي كلها يومين وتكوني في بيتي وسعتها محدش هيحوشني عنك
تنحنحت پخوف وهي تضحك ببلاهة محاولة تلطيف الأجواء هامسة
طيب أنت تعرف أنا لسا كنت بتكلم مع زوزا وبقولها آدم ده أنا بحبه بشكل لا يمكن حد يتخيله عارفة لو هشحت
كدا محبش قده
التوى فمه ببسمة مغلوبة وأردف بدهاء يفوق محاولاتها السخيفة لكسب الوضع بصفها
وإيه كمان !
تدللت في الحديث بنبرة افقدته صوابه
بحبك يادومي
هيمن الهيام عليه ولم تسمع سوى صوت أنفاسه القوية فيضقت عيناها بحيرة وهتفت
آدم
أخذ نفسا عميقا يحاول التحكم بالثورة التي اندلعت بثناياه ورد عليه بصوت متيم
لم يجيبها واكتفى بابتسامته بينما هي فقامت بفتح النافذة واطلت منها برأسها فقط لترى سيارته بالفعل أسفل المنزل وهو يقف مستندا بظهره على السيارة ويرفع عيناه إليها يتأملها بعشق جارف فيخرج صوته في الهاتف أصاب يسارها بسهم العشاق الذي لا شفاء منه
وأنا كمان بحبك
رأى ابتسامتها الخجلة تعتلي معالمها وهي تتمعنه بحب لكن فجأة انتفضت والتفتت خلفها بزعر على صوت جدتها التي تهتف
بتعملي إيه يامهرة على الشباك السعادي !
تلعثمت وردت بسرعة محاولة إنقاذ الموقف
ولا حاجة ياتيتا انا سمعت أصوات بس وافتكرت في حد پيتخانق ولا حاجة بس طلع عيال المنطقة مع بعضهم إنتي إيه اللي مصحيكي لغاية دلوقتي
فوزية بدفء
كنت رايحة أنام بس قولت اطمن عليكي الأول
مهرة بحب حقيقي ونظرات كلها امتنان
ربنا يخليكي ليا يازوزا متقلقيش أنا هروح أنام دلوقتي وأنا روحي نامي وارتاحي
طيب ياحبيبتي تصبحي على خير
وإنتي من أهل الخير يارب
فور رحيل جدتها رفعت الهاتف على أذنها فورا والتفتت للنافذة
متابعة القراءة