ضروب العشق بقلم ندي محمود توفيق

موقع أيام نيوز


صبر والتقطت
هاتفها تجيب على المتصل بصوت ناعس دون النظر لاسمه أولا 
الو
أجابها بنبرة رقيقة هو ينظر لساعة يده يتفحص الساعة التي قاربت على الحادية عشر ظهرا 
صباح الخير إنتي لسا نايمة لغاية دلوقتي !!
انتفضت جالسة بعدما تعرفت عليه من صوته وأخذت تفرك عيناها لتزيح آثار الخمول عنها وتهتف بإحراج 

صباح النور معلش كنت نايمة ومخدتش بالي من الاسم امبارح رجعنا متأخر من الفرح ونمت متأخر و.....
قاطعها بصوته الضاحك الذي وصلها عبر الهاتف وهو يهدر ببساطة 
كفاية ياملاذ خلاص أنا مقولتش حاجة عشان ده كله !!
منذ أن رأت جانبا مختلفا في شخصيته بالأمس وهي لا تنكر خۏفها البسيط منه وتوترها ازداد أكثر فحسمت قرارها أنها ستكون حذرة في كل شيء معه لم تغضب منه ولكنه سبب لها اضطرابات أكثر وحرصا في التعامل معه
! . انتبهت لصوته وهو يتمتم في خنق من نفسه معتذرا بحنو 
متزعليش مني بخصوص امبارح أنا عارف إن طريقتي كانت شديدة شوية بس مكنش قصدي والله .. أنا آسف !!
ابتسمت هي على الجانب الآخر بصفاء وهمهمت بنبرة صوتها الناعمة 
متقلقش مزعلتش يازين .. وإنت عندك حق تتعصب
متأكدة إنك مزعلتيش !
قالها مبتسما بمشاكسة لتجيبه بنفس نبرتها السابقة 
آهاا متأكدة
اتسعت ابتسامته ولمعت عيناه بوميض رجولي ماكر قبل أن يهتف بخفوت ونبرة يعلم أثرها جيدا عليها 
لا بس أنا عايز اصالحك وش لوش عشان أتأكد إنك مزعلتيش !!
لحظات من الصمت القاټل بينهم كان هو يتخيل ملامح وجهها الحمراء من الحياء بينما هي فكانت تحاول التغاطي عن كلماته الخبيثة وعدم التفكير فيها كثيرا حتى لا تتلعثم في الحديث فأخرجت صوتها ضعيف ومرتبك 
وش لوش إزاي يعني !!
اتاه ردها ونبرة صوتها المحرجة كما كان يتوقعها تماما ليكمل جرعته ويضيف قليلا من البهارات الحارة حتى يزيد من تلعثمها 
يعني جهزي نفسك عشان بليل هعدي عليكي وهاخدك وهنروح نقعد في مكان لطيف كدا على انفراد وهناك هقولك وش لوش إزاي
انفراد مجددا !! .. ألم يكفيه توترها واضطرابها بالأمس وهي معه على انفراد أيضا مجرد التفكير في أنهم سيكونوا معا مجددا ولا أحد معهم يؤدي لتسارع دقات قلبها وخصوصا وهو يلمح لها بهذه التلميحات الجريئة .. يبدو أنها خدعت به وكانت تظنه رجلا صارما ولا يعترف بأمور الحب التي يمارسوها العشاق بالإضافة إلى أنها لم تكن تتوقعه أنه يعرف كيفية إرسال تلميحات منحرفة بالكلام !! واتضح أنه ماكر محترف وتدينه والتزامه سينقشع ويزول حين يكون معها .
هتفت بتلعثم كان واضح هذه المرة في صوتها 
تاني !!!
قال مستنكرا بحب 
واحنا طلعنا امتى اولاني عشان نطلع تاني امبارح مكملناش نص ساعة ورجعنا
طيب يازين هجهز على بعد المغرب واستناك إن شاء الله إنت في الشركة دلوقتي !
قال بجدية بسيطة 
آه ومعايا اجتماع بعد نص ساعة
هتفت بلطف 
ربنا يعينك
آمين .. أنا هقفل وإنتي قومي اغسلي وشك واتوضى عشان دلوقتي الساعة 11 وخلاص فاضل على آذان الضهر ربع ساعة
أجابته بعذوبة ورقة 
حاضر
غمغم مبتسما بدفء 
في حفظ الله
ردت عليه بنفس جملته كما اعتادت منه ثم أنهت الاتصال وتنهدت بعمق ونهضت من فراشها متجهة صوب الحمام لتفعل كما طلب منها للتو على الهاتف !! .....
خرجت من الحمام بعد أن أخذت حمام صباحي دافىء وقطرات الماء تتساقط من خصلات شعرها المبتلة فتوقفت في منتصف الغرفة الواسعة ودارت بنظرها في جميع أرجائها الخزانة التي تحوي ملابس لشخص لا يريد دخول الغرفة لمجرد وجودها بها والفراش الضخم الذي يتسع لأثنين وأكثر ولكنه لا يضم سوى واحدا .
بنعتها بعديمة الكرامة !! وهي منذ لحظتها تفكر هل العشق يفقد المرء كرامته ! تتساءل لآلاف المرات عن سبب عشقها له !
وإن نظرت بالمنظور الواقعي فهو رجل لا يحب ولا تقبل به فتاة إلا الأقلية .. إذا هي من الأقلية ! لا بل هي من الذين حړق الهوى عيناهم فأعماهم أو بالأحرى هي ليست عمياء بل مطلعة على كل عيوبه ولكنها تتصنع العمى وتخبر نفسها مرارا وتكرارا بأنها عشقت مرة واحدة وستكون الأخيرة ولن تترك فرصتها في العشق تذهب هدرا ستقف صامدة في وجه الصعاب لآخر نفس فيها ولن تجعل اليأس يتملكها وسواء أبا أم شاء لن تتوقف عن عشقه ولن تهدأ إلا حين تحصل على مرادها وتجعله يخر بدماء العشق والهوى أمامها مثلما أرهق دمائها لسنوات !! .
ارتدت ملابسها وصفصفت شعرها ثم توجهت نحو الباب وقبضت على المبقض وقبل أن تديره لينفتح أخذت شهيقا طويل وأخرجته زفيرا متمهلا مغمغمة لنفسها محاولة تهدئتها
حتى لا تنغز في عقلها الأفكار السيئة أن ټخنقه وتفشي غليلها منه بمجرد تذكرها ما فعله معها بالأمس 
خليكي relax خالص واهدي ومهما يقول متتعصبيش يعني باختصار كوني باردة
ثم فتحت الباب وغادرت الغرفة متجهة صوب المطبخ محاولة قدر الإمكان تجنبه على الأقل إلى حين
يزول سخطها منه فتحت التلاجة تأخذ منها ما تحتاجه لتحضير الأفطار وحين اغلقت بابها والتفتت بجسدها أصدرت شهقة مرتفعة وانتفضت واقفة بهلع ثم ابتلعت ريقها وأخرجت زفيرا مضطرب لتجده يهتف بقسۏة متوقعة منه 
لتكوني صدقتي نفسك فعلا وإنك عروسة عارفة الساعة كام دلوقتي !!
أصدرت تأففا حارا ثم ازاحته بهدوء من أمامها لتتجه نحو الحوض وتقوم بغسل الطماطم الطازج والحمراء تحت الماء مولية إياه ظهرها متمتمة ببرود 
عارفة وبعدين إنت هيفرق معاك إيه صحيت بدري ولا متأخر فارقة معاك أوي مثلا !!
قبض على خصرها من الخلف يضغط عليه بقسۏة وعدم رحمة هادرا بشراسة وصوت مريب في أذنها 
إنتي هنا خدامة ووظيفتك خدمتي وبس تحضري
الأكل وتغلسي وتنضفي ومن هنا ورايح هيكون الأكل بمواعيد ولو اتأخرتي هيكون في عقاپ وخيم مفهووووم
لم تجيبه اغمضت عيناها تحاول تمالك ذمامها قبل أن تفقدها فهي يجب عليها استغلال زواجهم وتجرب معه كل الطرق لتسقطه في تعويذة العشق ! سمعته يهتف وهو يضغط على خصرها أكثر لتشتد عضلاتها وتنفرد في وقفتها من الألم 
ردي مفهوم ولا لا !
كان يتفنن في استخدام كل الوسائل التي تغضبها وتستفزها ويستمتع برؤيتها ذاعنة له يتلذذ بإذلالها وإھانتها ظنا منه أنه انتصر عليها ولكنها لا يدري أنها هي التي تسمح بهذا الانتصار بكامل إراداتها ورغبتها . خرج صوتها خاڤت بعد أن وجدت صعوبة في أن تقولها بكل هذا الهدوء 
مفهوم .. ممكن تبعد عني وتطلع برا بقى !
ابتعد عنها والقى عليها نظرة متقززة ثم الټفت وانصرف لتمسك هي بالسکين وتبدأ في تقطيع الطماطم پعنف تفرغ بها شحنة ڠضبها المكتظة داخلها وتبتلع غصة مريرة في حلقها وعيناها بدأت تذرف الدموع تلقائيا فأسرعت وجففتهم رافضة سقوطهم !! ...
تبا لهذا القلب ! الذي يقسم دوما أن يجلب لصاحبه العناء والشقاء ويختار الأشخاص الخطأ فلا يجلبوا له سوى الألم .. هل هذا هو العشق !! يحزن ويقهر ويشقي صاحبه ! .. إن كان كذلك فيسعدها أن تقول أنها تكره هذا العشق ولا تريد أن تعشق أبدا وتفضل أن تكون طوال حياتها خالية الوفاض !!! ....
كانت تجلس على طاولة صغيرة في أحد الكافيات وتطقطق أصابعها بخنق ثم التفتت للحارس الذي يقف خلفها وتهدر به منفعلة 
إنت سمعتني وأنا بتكلم وعرفت رايحة فين وفورا مضيعتش وقت وروحت اتصلت بيه !!
أجابها برسمية تامة دون أن ينظر لها 
كرم بيه منبه إن أي مكان حضرتك تروحيه يكون عنده علم بيه وهو قالي أجيبك هنا تستنيه وهو جاي دلوقتي
قالت في ضجر شديد 
المفروض إنه جايبك عشان تحميني مش تقوله على كل حاجة بعملها
لم يجيبها وكان صامتا تماما يحدق حوله منتظر قدومه حتى تنتهي مهمته ويرحل من جوارها أما هي فأخذت ټضرب كعب حذائها في الأرض پعنف مغتاظة ولتمر دقائق طويلة ثم تجده يقترب نحوهم ويشير بيده للحارس الذي يقف بجوارها أن ينصرف فغعل على الفور وسحب هو المقعد المقابل لها ليجلس عليه ويطالعها بأعين ساخطة لتهتف هي متوترة من نظراته 
متبصليش كدا !!
اتصل بيكي إمتى 
كان صوته خشنا وصلبا ولكنها التزمت الصمت المستفز ولم تجيبه ليكمل هو مغتاظا من إهمالها 
إنتي مش مدركة خطۏرة الموضوع صح !
قالت بخفوت وقلبا ممزقا 
مدركة كويس جدا وزي ما مدركة خطورته عليا مدركة كمان خطورته على اللي حواليا وأنا لازم اتحمل العقاپ وحدي عشان اتعلم من غلطتي ومثقش في حد تاني
لم يفهم سبب تصرفاتها المختلفة معه منذ أيام ولكنه لا يهتم كثيرا لطريقتها فكل ما يهمه هو حمايتها والعمل بوصية عزيز قلبه ! .
تنهد بعمق وغمغم بعد أن لانت نبرته وأصبحت أقل دقة وإحكاما 
ليه لما اتصل بيكي متصلتيش بيا
وقولتيلي عشان اتصرف !
اشاحت بنظرها عنه مغمغمة بجفاء 
لإني قولتلك امبارح مش عايزاك تتدخل تاني في الموضوع ده
وأنا رديت علي الكلام ده !
عادت بنظرها له مغمغمة في حزم 
وكمان أنا قولتلك إني مش عايزة حد يتأذي بسببي
تمتم في صوت رخيم 
ولو سيف الله يرحمه كان عايش كنتي هتقوليله كدا !! أكيد لا وأنا دلوقتي زيه ومكانه
لما يصر دائما على تذكيرها بأنه يتولى دور أخيها ويراها شقيقة له كلما يقول هكذا تلتهب النيران في قلبها .. فهي لا تراه أخا ويصعب عليها أنها لا تنظر له مثلما ينظر هو لها ! .
وجدت نفسها تهتف بنبرة شبه مرتفعة وقاسېة جدا غير متنبهة لما تتفوه به 
متقولش زيه إنت مش سيف ومحدش هياخد مكان أخويا
أماء بتفهم وقال بخفوت بنظرات طبيعية بعض الشيء 
عندك حق !!
القت عليه
نظرة أخيرة ثم استقامت واندفعت لخارج المكان تحاول حبس دموعها التي تصرخ بالسقوط بينما هو فتنهد بعبوس وأخرج هاتفه يجري اتصال بالحارس الذي ينتظرهم بالخارج هاتفا بصلابة 
وصلها البيت
أجابه منصاعا لأمره ثم انهي معه الاتصال وانتظر خروجها وهو يفتح لها باب السيارة
فنظرت له شزرا وهمت بأن تذهب رافضة أن يقوم هذا الحارس بتوصيلها ولكنها سمعت صوته الأجش يهتف 
أنسة شفق لو سمحتي اركبي
توقفت للحظات مولية إياه ظهرها تفكر بالأمر من منظور سلامتها لأجل والدتها المړيضة التي تحتاج لمن يرعاها فوجدت أن من الأفضل أن تستمع لما يقوله وتصعد بالسيارة .
مدت يدها لعيناها تمسح الدموع المتجمعة بهم ثم تلتفت له وتعود لتستقر بالمقعد الخلفي ويذهب ليتولي هو مقعده الأمامي وينطلق بالسيارة عائدا بها للمنزل ......
مع تمام الساعة السابعة مساءا .....
كانت هي تقف أمام المرآة تلقي علي نفسها
النظرات الأخير وتتأكد من حسن مظهرها ترتدي رداء طويلا وفضفاض من اللون المستطردة ليس به أي نقوش كان ممسوحا تماما إلا لمسات كلاسيكية وبسيطة تميزه وفوقه حجابها من إحدى درجات اللون البنفسجي المناسبة للون بشرتها وقد حرصت هذه المرة على عدم وضع أي مساحيق جمال حتى لا تعصي أوامره حول عدم وضعها لهذه المساحيق خارج المنزل .
باتت لا تستطيع تحديد حقيقة مشاعرها
 

تم نسخ الرابط