ضروب العشق بقلم ندي محمود توفيق
المحتويات
يدها بلطف واجلسها على الفراش وبدأ يتحدث بنبرة صوت جادة ونظرة ثاقبة تعرفها جيدا منه مما جعلها تتوتر
موافق وكمان جهزي نفسك وتعالي مع كرم بكرا عشان تبدأي ويسر تعلمك زي ما قالت بس مش هو ده الموضوع اللي جاي عشان .. قوليلي بقى إنتي كلمتي يسر فعلا !
ارتبكت بشدة وتلعثمت فطالما سأل هذا السؤال حتما عرف بأنها تحدثت مع علاء وكان يسألها بوضوح وبنظرته هذه لأنه متيقن أنها لم تتمكن من الكذب أمامه وإلا ستكون عواقب كذبها أشد فأخذت شهيقا قوي واخرجته زفيرا
الصراحة لا .. بص هو مفيش حاجة أصلا والله كل كل ما في الموضوع إني كنت راجعة من الكلية وعلاء شافني بالصدفة وقالي تعالي هوصلك البيت في طريقي وأنا ركبت وهو سألني عن الكلية والكلام جاب بعضه واتكلمت عن الشغل وكدا يعني وقولتله إنكم مش موافقين فقالي إنه هيكلم عمي ويخليه يحاول يقنعكم وعشان عمي مسافر فشكله قال ليسر وهي قالت لحسن بس هو ده اللي حصل والله
طيب وهو هل يصح إنك تركبي معاه في العربية وحدك
هزت رأسها بالنفي وهي تطرق رأسها أرضا بإحراج وهمست في صدق وضيق من نفسها
أنا مكنتش اقصد أعمل حاجة غلط والله هو لما قالي اركبي محبتش اكسفه وإنت عارف إن علاء كويس جدا ولو كان غير كدا أنا مكنتش هتكلم
أكمل بنفس نبرته السابقة
أنا مقولتش حاجة على علاء أنا عارف علاء كويس وإلا كان زمانك هتشوفي ردة فعل مني مختلفة أنا بتكلم عليكي إنتي ده غلط واسمه خلوة وإنتي فاهمة يعني إيه خلوة .. فأنا مش هقول حاجة المرة دي
وهعديها بس هتكون آخر مرة ولو حصلت تاني الصدفة دي ابقى اعتذري منه بأي طريقة ودايما تخلي في حدود في تعاملك مع أي راجل مش مع علاء بس وتبقى الحدود دي كمان لما تكوني مضطرة يعني في عمل أو شيء تاني إنتي مضطرة تتعاملي فيه مع راجل فتحطى حدود ومتسمحلهوش ولا تسمحي حتى لنفسك إنتي تتخطيها
عشان متأخرش
...
تجولت إلى مايقارب الساعة والنصف بين محلات الملابس النسائية وخاصة محلات الملابس الفضفاضة كالرداءات والعباءات والتنانير .. ألخ وبينما هي في آخر محل تحاسب على آخر شيء ستشتريه لفتت نظرها ساعة الحائط التي تجاوزت الثالثة عصرا فخفق قلبها ببعض التوتر واسرعت للخارج بعد أن حملت أكياس ملابسها عازمة على الوصول للمنزل مسرعة داعية ربها ألا يكون وصل قبلها فهي لا تدري كيف ستكون ردة فعله .
وضعت المفاتيح في قفل الباب وأدارته للشمال ثم فتحته بحذر وأدخلت جسدها تدريجيا .. أولا رأسها التي تلفتت يمينا ويسارا باحثة عنه ثم خطت بقدمها اليمني للداخل وأخيرا جسدها كله ثم أغلقت الباب بحرص شديد وبطء وإذا بها تنتفض واقفة كأن عقرب لدغتها حين سمعت صياحه مناديا عليها
ازدردت ريقها بارتباك والتفتت بجسدها بعد أن القت بالأكياس على أقرب مقعد منها ثم ذهبت له وهي تقدم رجل وتأخر الأخرى حتى وقفت أمامه وخطفت نظرة سريعة له لتجد وجهه مشټعلا يعطي أحمرارا مريبا وخرج صوته الذي وقع في نفسها وقع مهيب ومخيف
كنتي فين !
انزوت نظرها عنه في ربكة ملحوظة وهمهمت بأسف صادق
أنا آسفة
ارتفعت نبرة صوته قليلا وصارت أشد قسۏة
أنا مش بقولك اعتذري أنا بسألك كنتي فين ! وطلعتي من غير ما تقوليلي ومش بتردي على تلفونك كمان
كان صوتها منخفضا وفيه شيء من للإحراج منه وهي تتمتم
روحت اشتري كام حاجة ليا ومكنتش متوقعة إنك هتتعصب كدا أوي والله ولو كنت أعرف كنت قولتلك وأنا أساسا كنت ناوية أرجع قبل ما ترجع بس تأخرت ڠصب عني
سرت رعشة في جسدها أثر صرخته العڼيفة والثائرة بها وهو يخرج شحنة غضبه المكتظة داخله
مفيش حاجة اسمها مكنتش متوقعة .. في حاجة اسمها إنك متجوزة ولما تطلعي من البيت تشاوريني وتاخدي إذني الأول مش تطلعي وتدخلي على مزاجك
هي لم تكن تقصد أن تخالف قواعد المرأة المتزوجة عند خروجها من المنزل ولكنها كانت تريد أن تفاجئه بما عزمت عليه ولا تريد أن يعرفه حاليا إلا تحين اللحظة فرفعت نظرها له وقالت باعتذار ينبع من صميمها وصوت رقيقا به خضوع كامل لأوامره
حاضر .. أنا آسفة أول وآخر مرة صدقني مش هتتكرر تاني
لانت نظراته قليلا لها وسكنت ثورته في الأعماق بعض الشيء ثم اقترب منها وهو يتفحص يديها الفارغتان مغمغما بغلظة صوته الرجولي
وفين الحجات اللي جبتيها دي وإيه هي !!
ابتسمت بلطف وتحدثت بنبرة انوثية ناعمة
عملاها مفاجأة ليك لما ياجي وقتها هتعرفها
ران الصمت عليه لثوان يحاول تخمين هذه المفاجأة التي تتحدث عنها ولكن لم يعطيها إهتماما زائدا عن حده حيث نفضها عن ذهنه وثبت تركيزه على نفسه المتأججة بنيران الغيرة فكما أخبرها هو لا يستطيع الوثوق بها حتى الآن ولم تتمكن من
إستعادة هذه الثقة وما يدور في عقله الآن هو سبب كل هذا الڠضب ويجعله ېحترق ويأكله أكلا حيث همس في نظرة تركت أثرا سلبيا في نفسها ونبرة صوت خاڤتة تحمل لهيب الغيرة والازدراء معا
وياترى روحتي تشتري الحجات اللي عملاها مفاجأة ليا دي بس أصل إنتي متعودة بتقولي للناس رايحة مكان وبتكوني روحتي مكان تاني خالص
وقعت كلماته الجافة التي لا تحمل الرحمة
كصخور ضخمة وتركت أثارها من چروح على جسدها وبالأخص قلبها أيشك بها ! يذكرها بليلة زفافهم حين أخبرتهم بأنها ذاهبة للحمام وخرجت لتقابل خطيبها السابق هل حقا يظنها الآن خرجت لتقابله مجددا !!! ولكنها وعدته بأنها ستكف عن حبه وهي بالفعل فعلت ووعدته بأنها ستوهب حياتها لأجله وستكون ملكا له واقسمت بأنها لا تريد سواه وأنها نادمة أشد الندم على الخطأ التي اقترفته وستبذل كل الجهد لتصحيحه هل يظن أن خنث الوعود من شيمها ! .. ربما
خدعته واستغلته وخانته ولكنها لم تخنث وعدها أبدا ولن تفعل .
غامت عيناها بالعبارات الحاړقة والمعاتبة على ما قاله
إنت شاكك فيا يازين !! أنا وعدتك إني مستحيل أقرر الغلط مرة تاني ومش معقول هكون بعمل كل اللي أقدر عليه عشان أصلح الوضع بينا واستعيد ثقتك واروح أعيد الغلط تاني
ده يبقى اسمه غباء ووقتها ابقى استاهل إنك متدنيش فرص فعلا .. أنا حلفت بالله أن القذر ده مبقيش في بالي أصلا وإن إنت الراجل الوحيد في حياتي دلوقتي بس واضح إن حتى القسم بالله مخلكش تصدق ولسا بتشك فيا ومبقتش مجرد عدم ثقة لا كمان بقى شك إني بخونك وبقابله وبكمل علاقة حبي معاه
ثم استدارت وذهبت لغرفتها بعد أخذت أكياس ملابسها معها واجهشت پبكاء قوي وصل لأذنيه ليزفر متسغفرا ربه فمهما حدث بينهم فإن آخر شيء يريد سماعه أو رؤيته هو بكائها اتجه نحو غرفتها وحاول فتح الباب ولكنه أبى ولم يفتح ففهم أنها أغلقته بالمفتاح من الداخل ثم أطرق على الباب بلطف هاتفا
افتحي ياملاذ
جاءه صوتها الباكي وهي تهتف بتضجر
مش هفتح يازين وممكن تسبني وحدي لو سمحت
قال بلهجة آمرة بها شيء من الرفق
قولت افتحي الباب ياملاذ .. افتحي يلا !!
وقفت مغلوبة على أمرها وفتحت له بوجه غارق في الدموع ليخرج منديلا من جيبه ويمد يده به إليها وبنظرة دافئة ثم يهمس في هدوء ساحر
فهمتي أنا ليه بقول الطلاق أفضل حل ولازم يحصل لإن أنا لا قادر اسامحك ولا قادر اشوفك بالوضع ده فده هيكون فيه خير ليكي أكتر مني
جففت دموعها بالمنديل الورقي الذي أعطاه إياه وهتفت بإصرار وحزم
وإنت ادتيني فرصة لما استنزفها وقتها ابقى طلقني
ياريتك تمسكتي بالفرصة الأولى زي كدا وحافظتي عليها على الأقل مكنش ده هيبقى وضعنها
تمسكت بيها والدليل إني رفضت أسيبك وخدت عهد على نفس إني هشيل خطيبي من تفكيري ونجحت وزي ما نجحت هنجح دلوقتي كمان لإني مش عايزة اتطلق منك .. عايزة أفضل مراتك أنا بفتخر إني مراتك يازين وبقيت بحب ارتباط اسمي بإسمك
كانت تتحدث بثقة مفرطة وهي تخبره بأنها كما نجحت في تطهير قلبها من هذا الحب الخبيث المدنس ستنجح في استعادة ثقته بها وستتمكن من إزالة العوائق التي تحجب ضوء الشمس عنهم أما هو فقد دوت كلماتها الأخيرة في أذنيه التي ارسلت كلامها لعقله والذي بدوره قام بإفراز هرمون السعادة المسئول عن تحسين الحالة المزاجية فكان هو على وشك أن تنطلق منه ابتسامة عاشقة لهذا الكلام الذي بإمكانه أن يترك أثر إيجابي في نفس ورجولة أي رجل ولكنه كبح تلك الابتسامة بصعوبة وتكلف الجمود ولف ذراعه حول كتفيها طالبا منها السير معه حتى الحمام ثم فتح الباب لها وقال بنبرة عادية
اغسلي وشك واتوضي يلا عشان العصر أذن من نص ساعة
اماءت رأسها بالإيجاب ثم دخلت وأغلقت الباب عليها بهدوء وشرعت في غسل وجهها والوضوء لأداء فرضها وهي تجاهد في كبت دموعها من الانهمار مرة أخرى ! ...
مع صباح يوم جديد كانت ملاذ تقف أمام مرآة غرفتها تستعد للذهاب لزيارة أهلها بعد أن طلبت منه الأذن ووافق وقال أنه سينتظرها ليأخذها معه في طريقه ثم يتجه هو لعمله بعد ذلك .
كانت ترتدي عباءة عصرية من اللون البينك مطرزة بفصوص بيضاء من الخرز وفوقها ترتدي حجابا طويلا اشبه ب الخمار ثم قامت بإنزال النقاب على وجهها لم تكن تود أن تكشف عنه الآن وكانت تخطط لشيء آخر لتكشف له المفاجأة ولكن بعد ما قاله لها
البارحة وشكوكه بها أنها لم تذهب لشراء بعض الأشياء الخاصة بها كما قالت وأنها ذهبت لمقابلة خطيبها السابق أثارت في نفسها الآم عڼيفة وجعلتها تتخذ قرار حتمي بأن ترتديه اليوم وتثبت له صحة كلامها لعلها تستعيد ولو جزء صغير من ثقته بها .
القت نظرة أخيرة على مظهرها
الخارجي فشعرت ولأول مرة أنها راضية عن نفسها وعن مظهرها رأت نفسها في هذه الملابس المحتشمة وهذا النقاب الذي يخفي وجهها أجمل من أي شيء ارتدته سابقا فأخذت نفسا عنيقا واخرجته زفيرا حارا تستعد لمواجهته وترتب الكلمات التي ستقولها له فاستجمعت شجاعتها وثقتها بنفسها ثم خرجت
متابعة القراءة