ضروب العشق بقلم ندي محمود توفيق
المحتويات
وتمتم في حنو
ولا يهمك .. قومي اغسلي وشك يلا عشان نكمل فطارنا
أماءت له بالموافقة ثم استقامت واسرعت باتجاه الحمام تختبيء فيه من فعلتها الحمقاء فهي نوت أن تتخلى عن خجلها منه ولكن ليس لهذا الحد أما هو فمسح على وجهه وهو يزفر بقوة ليزيح ما قد كان يكتم على انفاسه للتو وهي بين ذراعيه فقط شعور لا يود أن يشعر به مجددا فلوهلة حس نفسه مكبلا ومقيدا لا يستطيع فعل شيء
وهو ينظر لها بأعين ثاقبة وحادة بعض الشيء بعدما سمعها تتحدث في الهاتف منذ قليل وكانت تضحك بعفوية وتتكلم بطبيعية ولكنه فشل في معرفة مع من تتحدث وفقط فهم من صيغة الكلام أنها تحادث رجل ومنذ تلك اللحظة وقد غليت دماؤه في عروقه فانتبهت هي لنظراته المريبة لها لتتوقف عن الأكل وتحدقه باضطراب بسيط وتهز رأسه بمعنى ماذا حدث ! .
كنتي بتكلمي مين
غمغمت في بساطة دون تردد في الإجابة وهي مازالت تعقد حاجبيها باستغراب من طريقته ونظراته
إسلام .. أصل ماما قالتلي إنه كان تعبان إمبارح واتصلت اطمن عليه واتكلم معاه شوية
تابعت تعابير وجهه فلم تجد منه أي تعابير تخفف من حدة نظراته وفقط انزل نظره وأكمل طعامه بصمت فتأخذ نفسها في التفكير للحظات حتى تغيرت ملامحها من الهدوء واللطف إلى اليأس والضيق وتركت من يدها المعلقة هاتفة تسأله بوضوح دون مقدمات
رفع نظره والقى نظرة جامدة وقوية عليها دون أن يتفوه ببنت شفة فابتسمت بمرارة وأسى وهدرت بعبوس
كلها كام يوم ونكمل شهر وأنا طول الشهر ده بذلت كل حاجة اقدر أعملها عشان اثبتلك إني ندمت وإني مستحيل أكرر الغلط مرتين وإني عايزاك إنت .. بس تقريبا مش أنا اللي فشلت في إني استعيد ثقتك فيا لا إنت اللي بتختار إنك متثقش فيا في كل موقف وبتختار إنك تشك فيا .. أنا بحاول أعمل المستحيل عشان العلاقة دي تستمر ومخسركش بس واضح إن إنت
ثم استقامت وهمت بالعودة إلى غرفتها ولكن صوته اوقفها وهو يقول في لهجة شبه آمرة
اقعدي كملي أكل
همهمت في عبث
شبعت كمل إنت بالهنا والشفا
ثم دخلت إلي غرفتها وتركته حتى هو الآخر فقد شهيته عن الطعام فجعل يستغفر ربه وهو يمسح على وجهه بكفيه .. هي مخطئة
فكرة أنا مشكيتش فيكي دلوقتي أنا اتعصبت لما افتكرتك بتكلمي راجل غريب وبتضحكي كدا معاه
هتفت پبكاء حاد وحړقة قلب فهمها من كلامها ودموعها
لا إنت مبتحاولش يازين ومتقولش إنك حاولت لإنك لو كنت حاولت وحاولت تصدقني مكنش وضعنا هيبقى كدا لغاية دلوقتي
حك ذقنه النامية وصمت لبرهة من الوقت وهو يأخذ شهيقا قوي ثم تمتم في نظرة دافئة
طيب هدي لعلاقتما فرصة إننا نثبت لبعض بأفعالنا ومش هتبقى فرصة ليكي بس لا كمان ليا عشان اثبتلك إني زيك بحاول احافظ على العلاقة دي ويمكن اكتر منك كمان
وهو كل اللي عملته ده لسا ميثبتش ليك يازين !
قالتها باستغراب وباسمة بسخرية ليقابل سخريتها برزانته المعهودة ويتمتم في صوت ينسدل كالحرير ناعما
لا ميثبتش لأن علاقتنا تستحق أننا نثبت بأفعالنا ثقتنا وصدقنا واخلاصنا لبعض .. نثبت بالأفعال مش بالكلام
هدأت نوبة بكائها وسألت في استفهام وحيرة
بالأفعال إزاي يعني !
ابتسم وأجابها بلطف وحنو
دي حاجة تخصك متخصنيش .. الفترة الجاية دي فترة اختبار لينا احنا الاتنين وياننجح فيها يانرسب
لا بأس فإذا كان اختبار فكما اجتزت جميع اختبارات الحياة سأجتاز اختبار العشق وسأتفوق عليك كانت تحدث نفسها بهذه الكلمات ثم نظرت له وبادلته نفس الابتسامة وهي تهز رأسها بالموافقة لتجده يمد انامله ويجفف دموعها برقة هامسا في أعين تلمع بوميض مختلف
يلا قومي عشان تكملي فطارك
حاضر
بعد ساعات قليلة داخل مقر شركة العمايري .......
خرج حسن من مكتبه ومر من أمام مكتبها في طريقه فتوقف لبرهة من الوقت مترددا ثم اقترب بعد تفكير عميق وفتح الباب والقى نظرة متفحصة في مكتبها فلم يجدها به ليعقد حاجبيه باستغراب ويدخل ويغلق الباب خلفه وهو يلقى نظرة متأملة ودقيقة على محتويات مكتبها وأذا به ينتبه إلى الاجندة المتوسطة التي بحجم الكراسة ووجعل يتطلع لها بصمت وفي غلافها الجميل الذي عبارة عن صورة سماء زرقاء وبها لمسات اعطته جمال أشد فابتسم فور تذكره أنها هدية منه قدمها لها في عيد ميلادها السابع عشر عندما اقامت حفل عيد ميلاد فأهدى لها هذه الأجندة ومعها قلم فاخر صناعة مستوردة .. لعلمه في ذلك الوقت حبها للكتابة والقراءة ولكنه لم يكن يتوقع أنها لازالت تحتفظ بهذه الهدية بعد كل هذه السنوات فالتقطها وفتحها ليجد بداخلها ذلك القلم الفاخر فيلتقطه ويتفحصه بالتأكيد لم يعد يكتب ولكنها تحتفظ به اخرجه ووضعه على سطح المكتب ثم اتجه وجلس على الأريكة وبدأ يفتح صفحات عشوائية ويقرأ ما دونت به كانت ملاحظات مراهقة وهي تكتب احداثها المميزة بعضها اضحكه والبعض الآخر مر عليه كأنه لم يمر ولكنه توقف عند صفحة وهو يقرأ ما دونت به بإمعان ربما كنت مخطئة بشأن مفهوم العشق على أنه يقود للجنون والآن يجب على الاعتراف بأنه قادني لمستنقع مظلم حبس انفاسي وحجب رؤيتي فڠرقت في ظلماتي وحيدة دون أن أحصل على أي شيء وفقط حصلت على الخذلان للمرة الألف وأنا أفشل في
تحقيق ما اسعى إليه من العشق ربما كان يجب على أن أكون أكثر واقعية وأن لا اتعلق بأوهام تمكنت من أن تتطيح بي إلى اقصى البلاد ورغم كل هذا مازالت ابحث عن العشق في هذه القلوب الغريبة ولست متأكدة إلى متى سيتسمر بحثي ولكن حتما ستكون نهاية هذا البحث أما أن أجد ما أبحث عنه أو
اتوقف أنا عن البحث ويدب اليأس في قلبي فأعلن عهد جديد لا يوجد به مكان للعشق في قلبي !! كان يقرأ وهو يعرف جيدا بأنها تقصده في كل كلمة ويأسف بشدة لأنه ربما لن يستطيع أن يبادلها العشق سواء الآن أو مستقبلا ويتأسف لها لأنه لن يتمكن من أن يكون دليلها في طريق بحثها عن طرق قلبه هو يمكنه أن يعطيها كل شيء معاملته الطيبة وحنانه وعطفه ولطفه والصداقة والحب النقي في داخله لها ولكن عشق بمفهومه الذي يكون بالتحام الأرواح والقلوب والنظرات .. لن يتمكن ! .
تنهد بعمق ثم اخرج هاتفه واجري اتصال بها لتجيب عليه في صوت هادىء وتسمع سؤاله
إنتي فين
غمغمت بخفوت جميل
في الكافيه اللي جمب الشركة
لم يجيب عليها وانهى الاتصال مما اصابها بالتعجب والاغتياظ بنفس الوقت وظنت أنه تطفل منه لا أكثر وحين عرف لم يكلف نفسه ويسألها عن سبب ذهابها حتى لهناك ولكنها لم تركز عليه حتى لا تعكر مزاجها بدون داع .. أما هو فهب واقفا ووضع الاجندة بمكانها وغادر يقود طريقه لخارج الشركة بأكملها .
كانت هي تتفحص هاتفها وبيدها الأخرى القهوة ترتشف منها بتأني واصابتها الدهشة حين رأته يجلس أمامها على المقعد المقابل لها في الطاولة فرمشت عدة مرات ثم هتفت بريبة
إيه اللي جابك
هدر في هدوء مشجع
جاي لنفس السبب اللي جيتي عشانه .. وأهو اسليكي بدل ما أنتي شكلك وحش كدا والكافية كله ياما اتنين صحاب
أو ولد وبنت !
التفتت برأسها حولها وهي تلقى نظرة سريعة على جميع الطاولات لتجد أن ليس هناك طاولة يجلس عليها فردا واحدا سواها بالفعل ثم تعود بنظرها له وتقول بعدم تصديق لما قاله للتو
حسن أنا بتكلم جد ليه جيت !
التزم الصمت للحظات وهو يطالعها دون أن يجيب ثم رسم ابتسامة واسعة وقال بمشاكسة
عايزة الحق ! أصل أنا لقيت نفسي زهقان فقولت آجي اټخانق معاكي شوية
ضحكت بعفوية ولم تتمكن من كتم ضحكتها وأجابته مستنكرة
وهنتخانق قدام الناس هنا !
قال مصححا ومؤيدا لكلامها في نبرة كانت شبة جادة
اممم عندك حق .. طيب قومي نروح البيت عشان نتخانق على راحتنا
هزت رأسها مغلوبة منه وهي تضحك وقررت مسايرته في مشاكسته الجديدة وتمتمت متصنعة الجدية هي الأخرى بعد أن استندت بمرفقيها على سطح الطاولة وانحت للأمام قليلا حتى تقرب وجهها منه في حركة تلقائية تدل على اهتمامها بالموضوع
وهنتخانق على إيه بقى ياترى !!!
استند هو الآخر على مرفقيه مثلها وقال وهو يزال يرسم الحدية المزيفة على محياه
ياسلام ده مفيش اسهل من الخناق !! .. كلمتين وقحين مني على كلمتين مستفزين منك وندبها خناقة عادي جدا الموضوع أسهل مما تتخيلي
خرجت منها ضحكة شبه مرتفعة ثم قالت مستهزئة
شكلك فايق ورايق النهردا !
عاد لجلسته الطبيعية وغمغم باسما بعد أن
عاد لطبيعته
إنت شايفة إيه !
اكتفت بابتسامتها وعادت ترتشف من قهوتها من جديد حتى سمعته يهتف في جدية حقيقية هذه المرة
جهزي نفسك عشان ماما عزمانا على العشا النهردا وممكن نقضي الليلة هناك
اماءت له برأسها في وجه لا يبدو عليه أي اعتراض وعادت تكمل قهوتها ويدخل هو في فقاعة الصمت ويكتفى
متابعة القراءة