ضروب العشق بقلم ندي محمود توفيق

موقع أيام نيوز


هي تعرف حق المعرفة أنها اخطأت ويجب أن تدفع الثمن أي كان ولكن ماذا إن اختارت هي الطريقة التي تعاقب بها فهناك عقاپ يحتمل وآخر لا يحتمل !! .
ربما لم يتمكن من اعتلاء عرش قلبها حتى الآن ولكنه بالتأكيد نجح في تثبيت وسامه في مكان ما بداخلها .. ولا يفشل في أن يزيد كل يوم مكانة وشأن في نظرها .. لا يفشل في كل مرة أن يجعلها تصمم على عدم خسارته حتى لو كانت تعرف أنها ستعاني قليلا معه ولكنها على اعتقاد تام بأن سيأتي يوم وستعلن عهد السلطان الجديد على مملكتها الخاصة

ولا سيما في أنها ستحارب من أجل الوصول لهذا اليوم ! هي مازالت لا تعشقه ولكنها أيضا لا تكرهه بل تكن له كامل الود والاحترام
هو لديه الحق فيما قاله صباحا إضرابها عن الطعام لن يجدي بأي نفع عليها لن تستفاد شيء عندما تسجن نفسها بين أربعة حوائط وتزج بنفسها بين طيات الحزن بل يجب عليها أن تتصرف كالنساء وتحمي عشها من الاڼهيار حتى ولو كان هذا العش تم بنائه على الكذب والخداع فهي بإمكانها أن تعيد بنائه بالثقة والعشق والرحمة والرفق .. بإمكانها أن تحول العش لقصر منيع لا تهدمه حتى أقوي الرياح المدمرة وسيكون ثابتا كالجبال في وجه كل الظروف ولكنها تحتاج لمزيد من الشجاعة والثقة
بالنفس حتى تتمكن من النجاح وإصلاح ما أفسدته ولتثبت له أنها لا تريد ذلك العشق الذي كان يحتلها وتريده هو .. أجل كان ! الآن هي تشعر بنفسها طائر حر طليق وتركوه حرا ولكن تركو بيده الإغلال أي أنها لا زالت تحمل آثار الماضي وذلك العشق ولكنها ستلوذ للشخص المناسب وسيفك عنها هذه الإغلال التي باتت ټخنقها.
الآن هي يجب عليها أن تعمل بنصيحة صديقتها وتحاول التقرب منه .
نهضت من فراشها واتجهت للحمام لتأخذ حماما دافىء ثم خرجت وارتدت ملابس منزلية جميلة ورقيقة وصفصفت شعرها جيدا ثم تركته حرا وغادرت غرفتها متجهة نحو المطبخ وقامت بتحضير عشاء قيم يكفي لفردين وبعد دقائق طويلة انتهت وقادت خطواتها المترددة نحو غرفته وقفت أمام الباب للحظات تفرك كفيها بتوتر تحاول استجماع شجاعتها للتحدث إليه أخذت شهقيا وأخرجته زفيرا متمهلا ببطء لثلاث مرات حتى حسمت امرها وطرقت الباب منتظرة منه الرد ولكنه لا يجيب فعادت تطرق مجددا ولا يأتيها صوته أيضا فقبضت على مقبض الباب تديره ببطء وتفتح الباب بحذر شديد لتنظر بنصف وجهها من الباب فتجده راكعا على سجادة الصلاة يقضى فرضه فابتلعت ريقها بارتباك
وفتحت الباب جيدا ثم أهلت منه ووقفت بجانبه تنتظر إنتهائه وبعد لحظات قليلة انتهي ونظر لها بريبة مغمغما 
في إيه !
تلعثمت ولفت ذراعيها خلفه ظهرها لتعيد فرك كفيها بتوتر هامسة 
أنا حضرت العشا
هب واقفا والتقط المصلاة من على الأرض ويجيبها ببرود وهو يطويها 
بالهنا والشفا
اقتربت نحوه في خطا متعثرة ووقفت خلفه تهدر برقة وأعين راجية 
تعالى اتعشى معايا أنا مش بحب اكل وحدي .. ممكن !
القى بالمصلاة على الفراش ثم الټفت بجسده كاملا وهتف في حزم وامتعاض 
لا مش ممكن
ثم هم بأن يعبر من جانبها لينصرف فاعترت طريقه ووقفت أمامه مباشرة تطالعه بنظرات استعطاف وتهمس في توسل 
متكسفنيش .. ارجوك
ساد الصمت بينهم للثواني حتى وجدته يقول في خشونة دون أن يتخلي عن وجوم وجهه 
طيب روحي وهاجي وراكي
ارتفعت الابتسامة لشفتيها وأماءت فورا في موافقة وانصرفت متجهة لطاولة الطعام المتوسطة تجلس على أحد مقاعدها بانتظار قدومه دون أن تمد يدها في أي صحن وإذا بها تجده يقترب ويسحب المقعد الذي في مقدمة الطاولة
ويجلس ثم يبدأ في تناول الطعام وهي تنظر له بحزن تحاول جمع بعض الكلمات لتقولها وأخيرا تحدثت بأسف وهي مجفلة نظرها أرضا 
أنا .. غلطانة وأنا مش بلومك على أي حاجة قولتها وعملتها أو هتعملها وهتقولها لإنك عندك حق أنا مكنتش قد الثقة وخنتها أنا كنت بتكلم دايما وبقول إن مفيش علاقة بتكمل لو مفيهاش ثقة والعشق بنسبالي ثقة وأنا خنت نفسي قبل ما أخون ثقتك فيا .. أنا مش هطلب منك تسامحني لإني عارفة إنه صعب بل شبه مستحيل دلوقتي بس كل اللي هطلبه منك أنك تديني فرصة تانية أثبتلك إني ندمانة على اللي عملته وإني عايزاك إنت
ترك المعلقة من يده وهو يضحك بسخرية ويهتف في نظرة مشټعلة 
آااه اللي هو أنا بحب راجل غيرك بس عايزاك إنت !! أنا اديتك فرصة وإنت ضيعتيها وأهدرتيها من غير ما تدركي قيمتها وللأسف أنا مش بدي غير فرصة واحدة ومعنديش فرص تاني
قالت في صوت مبحوح وأعين دامعة 
مش عايزة أحبه أنا بكرهه ومبقتش بطيق اشوف وشه أصلا يعني اعتبرني خلاص مبقتش احبه أنا عاوزة أكمل حياتي معاك إنت يازين
أخذ نفسا عميقا وغمغم في قسۏة 
إنتي لسا قايلة إن مفيش علاقة مفيهاش ثقة بتستمر وأنا مبقتش أثق فيكي ومش قادر اصدقك فمتحاوليش في حاجة أساسا انتهت بنسبالي
سقطت دمعة متمردة من عيناها فاسرعت ومسحتها بأناملها ثم هبت واقفة وقالت بصوت يغلبه البكاء 
بالعكس دي لسا هتبدأ وأنا مش هيأس ومش هرتاح غير لما اخليك تسامحني
ثم ابتعدت وقادت خطواتها السريعة نحو غرفتها فالټفت برأسه ناحية باب الغرفة الذي اغلقته خلفها وتنهد پاختناق ثم عاد ينظر للطعام الذي أمامه بدون شهية وهب هو الآخر واقفا ينقل الصحون للمطبخ ويضعها بالثلاجة ثم توجه بدوره
لغرفته !! 
كانت تسير في الشارع عائدة من الكلية في صباح شمسه دافئة تبعث الدفء والراحة في الجسد مع رياح الشتاء الباردة تضم كتاب ضخما إلى صدرها بذراعها اليسار وعلى الذراع الآخر حقيبة يدها المتوسطة وبينما هي في طريقها تسير مباشرة دون أن تتلفت حولها استمعت إلى من ينده عليها كأنها قطة بالبسبسة ! فالقت نظرة بطرف عيناها لتجدها سيارة ولكنها لم ترى وجه من يقودها فظنت أنه شاب منحل من الشباب الذين يغازلن الفتيات في الشوارع لتسرع في سيرها حتى تتفاده ولكنها توقفت حين سمعته يهتف باغتياظ 
بت يارفيف !!
قطبت حاجبيها واحست بأن الصوت مألوف عليها وفورا التفتت تنظر له وأذا بها تصدر تأففا قوي 
والله وقعت قلبي في رجليا ياخي حرام عليك
ابتسم ثم مد يده وفتح باب السيارة هاتفا 
اركبي ياختي
استقلت بجواره واغلقت الباب لينطلق هو بالسيارة ويهتف مستنكرا 
عرفتيني اول ما قولت يابت .. صحيح مبتجيش غير بالتهزيق !
امسكت بالكتاب الذي في يدها ورفعته في وجهه قائلة في تحذير باغتياظ 
علاء اتلم بدل ما تلاقي الكتاب ده نازل على دماغك واخليك تدخل في غيبوبة
كان عين على الطريق وعين على الكتاب الذي بيدها وهو يضحك مغمغما 
ده يفتح راسي مش يدخلني في غيبوبة اعوذ بالله بيتذاكر إزاي ده !!
اشاحت بوجهه للجهة الأخرى تخفي ابتسامتها ثم عادت له وقالت في استهزاء 
طبعا هتعرف بيتذاكر ازاي ما تلاقيك مكنتش بتفتح كتاب في الكلية
طاب وليه الإحراج ده يابنت عمي بس !!
اطلقت ضحكة بسيطة لتجده يكمل في جدية بخفوت 
عاملة إيه إنتي 
الحمدلله كويسة لقيت شغل وحاولت اقنع ماما وزين بس رافضين
هتف في صوت رجولي قوي 
شغل إيه دلوقتي بس يارفيف مش لما تخلصي كليتك الأول على الأقل
اعتدلت في جلستها وهتفت محاولة اقناعه 
أنا زهقت من قعدة البيت ياعلاء وخلاص أنا فاضلي ترم وأخلص وهاخد الشهادة وهشتغل بيها وماما كل اللي عليها تشتغلي ليه وفين وزين إنت عارفه دماغه قفل مفيش شغل .. طيب
السبب من غير سبب طالما إنتي مش محتاجة للشغل يبقى ملوش لزمة ده حتى كرم بيقولي لا .. وحسن اللي بينصفني في كل حاجة يقولي الدنيا مش آمان وإنتي لسا صغيرة !! يعني هو عندي أنا لا وعند مراته تشتغل عادي
اطلق ضحكة قوية وأجابها ببساطة 
يسر بتشتغل ليها خمس في الشركة معانا وبعدين دي قدام عينا يعني مع ابوها ومعايا
وأنا كمان عايزة اشتغل في الشركة ولا عشان يسر محدش بيقدر عليها وبتفرض كلمتها عليكم مش بتقدروا ترفضوا ليها طلب
قالتها وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها باحتجاج ليجيبها ضاحكا برزانة 
خلاص هكلم بابا وأقوله اخليه يقنع زين واخواتك وتشرفي معانا في الشركة
اشرق وجهها بابتسامة عريضة وأردفت بسعادة 
بجد ياعلاء هتقول لعمي !
رمقها بطرف عينه غامزا بابتسامة وهو يهتف 
أممممم وهو احنا عندما كام رفيف في العيلة
رجعت بظهرها على المقعد وهي تقول بتحمس 
مع إني مش حابة الشركة بس يلا أهو امري لله هبدأ منها
القي نظرة عليها مبتسما ثم عاد بنظره للطريق يقود السيارة متجها
إلى منزل عمه بينما هي فأخرجت هاتفها واخذت تعبث به تارة وتارة تتابع الطريق في صمت !! .......
جاثية أمام قبر والدتها تتلمس بيدها التراب المدفونة اسفله ودموعها لا تتوقف للحظة عن البكاء .. تذرف الدموع كأنها دماء من شدة ألمها وحزنها بقيت بلا أب ولا أم ولا أخ .. لم يعد هناك شيء يدعى أهل ستحرم من الدفء والحنان والعناية والسعادة وكل شيء ستكون حبيسة شجونها والآمها إلى الأبد وستظل تعاني ألم الفراق حتى تخرج روحها وتذهب لهم !! .
كان الحارس الخاص بها يقف على مسافة بعيدة قليلا عنها ليترك لها حريتها في إفراغ ما يخنق نفسها فشعر بيد توضع على كتفه ليلتفت ويجده كرم فيبتسم في هدوء ويبادله هو الإبتسامة مربتا على كتفه يسمح له بالذهاب فأماء له بالموافقة واستدار وسار مبتعدا مغادرا المكان بأكمله أما هو فحمل دلو الماء الصغير واقترب ناحيتها ثم وقف خلفها بمسافة قصيرة واسنده على الأرض ورفع كفيه لأعلى يبدأ في قراءة سورة الفاتحة بصوت منخفض ثم حمله مجددا واتجه به نحو زرعة الصبار الصغيرة بجانب قپرها وقام بسقيها بالماء لتنتبه هي له وتنتفض واقفة لتنفض عن ملابسها السوداء الأتربة هاتفة باستعجاب 
عرفت إزاي إني هنا !
وضع الدلو على الأرض بعد أن فرغ من الماء وغمغم في خفوت جميل 
مسعد اتصل بيا وقالي وحتى لو مكنش قالي أنا باجي كل يوم هنا بزور سيف وأروى
نسيت أن ذلك الحارس لا يتأخر في إخباره بأي مكان تذهب له ولكن لم تعد تهتم فليخبره كما يشاء وليؤدي مهتمه على أكمل وجه فبؤسها الآن أشد
من أن تنشغل بأمره .
لاحت ابتسامة شبه خفية على شفتيها وعادت تحدق بقبر والدتها تدعو لها في صوت لا يسمع بأدعية خاصة بالمټوفي ودموعها تسقط من حفنيها في صمت ولتمر دقائق قصيرة وكل منهم يستخدم طريقة مختلفة في الدعاء وعندما وجدت نفسها ستنهار في البكاء أمامه ففضلت الرحيل وطلبت منه أن يذهبوا فلم يبدي أي اعتراض ورافقها حتى وصلوا لسيارته واستقلت بالمقعد المجاور له .
خرج همسها بعد دقيقيتن وهي مستندة برأسها على زجاج السيارة وعيناها معلقة على
 

تم نسخ الرابط