رواية مكتمله بقلم هدير محمود
المحتويات
الفصل الاول
كان قلبها يخفق بشدة..كانت تخشى من تلك الكلمة التي سينطقها القاضي بعد قليل هل سيطلق سراحها أم ستظل تحت هذا القيد اللعېن ل شهور آخرى ..عند تلك اللحظه سمعت الحاجب يقول محكمة أغمضت عيناها وكأنها ب هذا تصم أذنيها ايضا عما سينطق به القاضي بعد ثوان إنها لحظات لكنها تشعر وكأن الدهر كله مر عليها واذا بها تسمع القاضي يقول بعد النظر إلى القضيه المرفوعه أمامنا حكمت المحكمه ب تطليق المدعيه من زوجها
أوعي تفتكري انك بكده خلصتي مني يا مريم لا تبقي بتحلمي انا لا يمكن أسيبك أبدا حتى ف أحلامك
أنتا واحد كداب وخاېن بتحبني! انتا مبتحبش غير نفسك وبس زيك زي كل الرجاله
عشان مرة واحده بس غلطت تخسريني
هههههه هو انتا بتكدب على نفسك ولا عليا ده اللي أنا أعرفه بس هوه اللي مرة لكن أنتا مش طبيعي يا مروانانتا مش سوي اللي حصلك زمان أثر فيك أنا مش مستغربه اللي بيحصل أنا مستغربه نفسي أزاي مفكرتش قبل كده مش قولتلك هبله
أه هوه شكرا
صعدت الدرج وإذا بها أمام باب الشقه ترددت كثيرا قبل الدخول فإنها أصبحت تكره هذا المكان أيضا لكن ليس لها مكان غيره ف هي قبل أن تتزوج تعيش فيه مع والديها قبل أن يتوفيا ..كانت مريم وحيدة والديها وكانوا من الصعيد وأتوا جميعا إلى القاهرة منذ ولدت كانوا يذهبوا للصعيد كل سنة تقريبا في أجازة والدها لها عم وحيد وخال وخالات لكن علاقتها وطيده اكثر بعمها أما أهل والدتها خاصة خالها تكاد تكون العلاقه منعدمه لانه كانت هناك العديد من المشاكل بين والدتها وخالها معهم لانه رفض اعطاءها ورثها من والدها بحجه أن النساء لا ترث وبعدما تزوجت من ابوها ازدادت المشكلات أكثر لذا قرر والدها أن يترك الصعيد ويأتي للقاهرة وبالفعل عاشوا هنا وكانوا لا يذهبوا هناك الا الزياره السنوية وكان عمها عل اتصال دائم مع والدها لكن منذ عامين توفى والدها وبعدها بأقل من سنة آخرى ټوفيت والدتها وبقيت مريم وحيدة جاء وقتها عمها إليها وطلب منها أن تذهب لتعيش معهم في الصعيد لانها بنت ولا يصح أن تعيش بمفردها لكنها أقنعته بأنها طبيبه ولا يمكن أن تترك عملها وكانت قد تعرفت على مروان وأخبرت عمها أنه سيخطبها بعد مرور فترة الحداد كان مروان صيدلي وكان يتعامل مع المستشفي التي تعمل بها تقابلا عده مرات ودارت بينهما العديد من المحادثات كان مروان شابا وسيما لم يكن طويلا للغايه لكنه كان لا بالقصير ولا بالطويل أبيض البشرة ذو عينان عسليه كان قوامه ملائم له كان لبق الحديث معسول الكلام تذكرت مريم المرة الأولى التي رأته فيها
فين الورق بتاعها
هبقى أجيبه ل حضرتك بكرة
آسفه مش هقدر أمضي بالاستلام الا لما أراجع الورق لأن ده مش مكاني أنا واقفة مؤقتا لحد ما دكتورة منى تيجي
بهمس أوووف هي ناقصة بنات معقدة
مريم بجدية مالك يا دكتور قولت حاجه
قولت هو في عيون حلوة كده
نعم ! ميصحش كده يا دكتور..وهنا وقفت مريم
هو في ميدالية كده
لم تستطع مريم ان تخفي ابتسامتها التي أضاءت قلب مروان
عل فكرة انا مش قصيرة خالص انا طولي 158 سم
ههههههه خالص مين قال قصيره
وهو أنتا يعني اللي طويل
نظر إليها ضاحكا بالنسبه للناس كلها عادي بس بالنسبالك طبعا
نظرت لفرق الطول بينهما وقالت بثقه وعفوية شديدة
أنا طولي مناسب جدا وبيقولوا أن طولي ده هو الطول المثالي للست
مروان غامزا هو بصراحه مثالي أووي
مريم بجدية أحممم كنت عايز أيه يا دكتور ...
مروان ..دكتور مروان وحضرتك
وعايز تعرف اسمي ليه
عادي مش زمايل
لا مش زمايل أنا دكتورة جراحة وحضرتك دكتور صيدلي وبعدين أتفضل بقا يا دكتور خليني أشوف شغلي وأهي دكتور منى جت تاخد مكانها بعد أذنك
يعني بردو مش هتقوليلي اسمك
لا
مسيري هعرف وسهلة أوي
لم يكمل جملته وسمعت مريم في مكبر الصوت بالاستقبال يهتفون باسمها دكتورة مريم مطلوبة ف الاستقبال
بعد أذنك عندي شغل
حلو مريم على فكرة
جرت مريم مسرعه وعل وجهها ابتسامه لا تعلم سببها قد خطڤها مروان منذ اللحظة الأولى ..مرت الأيام وتقابلا فيما بعد كثيرا كان والد مريم قد توفى شعرت وقتها بأن مروان ملأ جزء من الفراغ الذي تركه والدها في قلبها حتى أتى ذلك اليوم الذي أتصلت بها والدتها وأخبرتها بأنها تشعر بتوعك شديد ذهبت وهي تسابق الريح كي تصل
إليها ولكن حينما وصلت كانت أمها في الرمق الاخير لفظت أنفاسها الأخيرة بين يديها شعرت حينئذ أنها أصبحت وحيده كانت كالغريق لم تعرف ماذا ينبغي عليها أن تفعل فاتصلت بمروان الذي جاء إليها في بضع دقائق كان باب الشقه مفتوح ما أن رأته حتى استسلمت ل نفسها كأنها الطفل الصغير في حضڼ أمه بدأت تنتحب بشدة وكان يحنو عليها كأب لحظات لا يمكن أن تنساها أبدا مرت عليها أيام صعبة كان بجوارها طيلة الوقت كان يأتي ليصلها إلى عملها ثم ينتظرها ل تنهي عملها ليعيدها إلى منزلها كان يحاول تحاول وضع الكثير من المسافات لانها تخشي من اقترابه ف هي امرأه تجلس بمفردها وهي أيضا تخشى الله كانت دوما تحافظ عل أداء صلواتها وتتسم بالالتزام في علاقتها مع الجميع أما مروان ف كان يصلي لكن ليس بانتظام كان دوما يحاول ألا يتعدى تلك الحدود كان يسعى أن يريحها وفي أحدى المرات كانت تجلس معه كانت حزينة شاردة نظر إليها في ألم قائلا
و بعدين معاكي يا مريم هتفضلي كده لحد أمتا ماما متوفيه من شهر وأنتي زي ما أنتي حالتك من سيء لأسوأ مبتتكلميش غير قليل ودايما ساكته والدموع ف عينيكي عارف اللي أنتي حاساه ومريت بيه بس صدقيني لازم تعيشي
أنا تعبانه تعبانه أوي يا مروان حاسه إني بره الدنيا حاسة بغربة بۏجع پخوف أمي وأبويا ف سنه واحدة مكنتش متخيلة أبدا أن ده يحصلي أنا عارفه أنه اكيد خير وأني لازم اصبر واحتسب بس الفراق واجعني أوي أنا مش قادرة ولا عارفة ولا عايزة أعيش
عارفة ..أنا بحسدك عل إيمانك ده ياريتني كنت زيك كانت حاجات كتير ف حياتي اتغيرت
حاجات ايه
مش مهم دلوقتي المهم أنك لازم تبقي قويه لازم تعيشي عشاني لو مش عشانك أنا مش هقدر أعيش من غيرك أنا بحبك يا مريم بحبك من أول لحظه شوفتك فيها
مش للدرجادي يا مروان
والله يا مريم أنتي شدتيني من أول مرة يمكن لأنك شبه أمي الله يرحمها
هي مامتك متوفيه
أه
طب وباباك فين
مټوفي هوه كمان ..بعدين هحكيلك كل حاجه
عند تلك اللحظه رن هاتف مريم
ده عمي.. أنا عارفه أنه هيلح عليا أني أروح أعيش معاه
ألوأزيك يا عمي ..أه أنا الحمد لله كويسه وبخير ..ما أنا قولتلك يا عمي إني مقدرش أسيب شغلي وحياتي هنا ..مروان ! تقابله ليه ..ماشي يا عمي هقوله وهبقا أكلمك تاني وأخليه يكلمك..ماشي يا عمي حاضر مع السلامه
مروان بتساؤل أيه خير
مفيش بيطمن عليا
بس أنتي قولتي مروان كان عايزني في حاجة
عمي عايز يقابلك ومرضيش يقولي ليه
طيب نكلمه بكره ونحدد معاد
ماشي يلا بينا نروح الوقت اتأخر
الساعه 8 الوقت اتأخر !
كفايه أصلا أني وافقت أننا نخرج متنساش أني صعيدية
هههههه صعيديه إيه بس انتي هتستهبلي عمري ما سمعتك بتتكلمي ولا كلمة صعيدي حتى
وه مهو لو هتكلم صعيدي مش هتفهم حاجة واصل
هههههه وه مرة واحده و واصل ! لأ كده صدقت طب يلا بينا
عاد معها لبيتها وعند باب الشقة نظرا لها بحنان قائلا
ممكن تيجي ف حضڼي يا مريم أنا عايز أشيل الحزن اللي جواكي أقسم الۏجع بيني وبينك
مريم بحزم ممزوج پغضب مع السلامه يا مروان
مريم ..مريم بصيلي أرجوكي أوعي تفهمي طلبي غلط والله ما قصدت حاجه غير أني أشيل عنك بس
روح بعد أذنك يا مروان دلوقتي أحسن أنا مش عايزة أتكلم
معقول يا مريم تفهميني غلط كده
أنا مش فاهمه غلط ولا صح بس مش عايزة اتكلم
أوك هسيبك براحتك وأمشي أنا
ماشي تصبح على خير
وأنتي من أهله مش عايزك أهم حاجه تبقي زعلانه
أنا كويسه
ماشي نتكلم بكره
بإذن الله
انصرف من أمامها وظلت هي تفكر فيما طلبه منها هل هي مخطئة لكنها
لم تقصد ذلك أبدا كانت في غير وعيها ظلت الأفكار تراودها حتى شعرت بالاختناق الشديد لم تجد ملجأ ولا سكن سوى الله فقامت وتوضأت ووقفت بين يدي الله تناجيه وتدعوه أن يغفر لها تلك الضمة التي حدثت منها دون قصد وأن يلهمها الصواب وبعد الصلاه والبكاء شعرت براحة جعلتها تنام في هدوء وفي صباح اليوم التالي قابلت مروان في العمل كانت معاملتها معه غير المعتاد كانت أكثر رسمية وشعر هو بذلك
زفر مروان بضيق قائلا هتفضلي تعامليني كده لحد أمتا والله ما قصدت أي شړ ..
مروان لو سمحت بلاش نتكلم ف الموضوع ده تاني
أنتي اللي بتخليني اتكلم انتي متغيرة معايا أوي من امبارح وحتى مش عايزة تخرجي معايا
مش هينفع نخرج تاني خلاص لما نتجوز نبقا نخرج
شوفتي بقا انك اتغيرتي
أنتا خلتني راجعت حساباتي واكتشفت انه مكنش ينفع نخرج مع بعض إلا لما أبقا مراتك وأنا بعمل الصح دلوقتي
طيب هنكلم عمك امتا
حالا
اتصل مروان ب عمها وهي كانت بجواره وحددا موعد يوم الخميس القادم ليتقابلا وحينما أغلق الهاتف تسائلت مريم قائلة
تفتكر عمي عايزك ف ايه
مش عارف بس أكيد حاجه مهمه جدا
أكيد كلها كام يوم وهنعرف
وجاء
يوم الخميس ومريم تتعامل بحذر مع مروان وكانت تشعر براحه شديده تجاه هذا التصرف ..وصل عمها إلى منزل أبيها الساعه الرابعه عصرا وكانت مريم قد أعدت طعام الغداء ل عمها والذي اتصل ب مروان وطلب منه أن يأتي ليتناول الغداء معه وبالفعل جاء بعد مرور فترة قصيره وبعد تبادل التحيات جلس الجميع وتناولوا الغداء وجلس عم محمود ل يشرب الشاي مع مروان وطلب من ابنه أخيه أن تتركهما بمفردهما وما إن خرجت حتى تحدث عمها قائلا
أنا طلبت أننا نتحدت مع بعضينا جبل ما مريم تحضر حديتنا
اتفضل يا عمي
بص يا ولدي مريم مش بنت خوي وبس لا ديه بتي انا مخفلتش غير رجالة ومخلفتش بنات ومريم بتي فعلا هي طيبه وجلبها ابيض وربنا عيحبها جوي
عارف يا عم محمود والله أنا لمست ده
بص يا ولدي اخرت الحديت أنا مش رايد إن بت اخوي تجعد لحالها رايد أطمن عليها يعني لازمن نكتب الكتاب بالكتير بعد أسبوع والډخله كمان ولا أنتا مش جاهز
لا جاهز بس اعتقد أن مريم مش هتوافق يعني عشان ظروف ۏفاة والدتها
وهوه أحنا عندينا البنته توافج أو متوافجش الرجاله تتفج والبنته تمشي اللي هنجوله
ثم هتف مناديا بإسمها
مريم مريم
ايوه يا عمي
كتب الكتاب والډخله بعد أسبوع يا بتي
ايه مستحيل ازاي يا عمي ده ماما لسه مټوفية من مفيش أزاي أفرح وألبس فستان
فرح أزاي
هوه كتب كتاب واشهار عندينا ف البلد وتدخلوا عندينا بردك وتجعدوا معانا كام يوم لحد السبوع
يا عمي افرح أزاي بس أنتا كده بتضيع فرحتي
يا بتي أنا بحافظ عليكي أحنا صعايدة ومنجبلش بناتنا يجعدوا وحديهم ولا يعرفوا رجالة
يا عمي أنا عمري ما هعمل حاجه غلط
حاشا لله .. أنا خابرك زين يا بتي بس عوايدنا أجده يا أما تاجي تجعدي حدانا لحد السنوية بتاعت المرحومه وبعدين تتجوزي
وشغلي وحياتي
يبجا تختاري
خلاص يا عمي أنا موافقه بس مروان
مروان موافج وأهوه جاعد جدامك وسامع حديتي
أجابه مروان بتأكيد موافق يا عمي لو مريم موافقة
وانتهى الامر بموافقتها رغما عنها.. تذكرت ذلك اليوم الذي كان من المقرر إقامه كتب الكتاب ائنذاك في الصعيد كان كل شيء حولها لايوحي بالفرح لانه من الاصل لم يوجد فرح احتراما لحاله الۏفاة لم يوجد زغاريد لم يوجد فستان الزفاف الأبيض الذي طالما حلمت به حتى فرحتها لم تشعر بها ليس هذا فحسب بل تحولت فرحتها ل حزن وۏجع شديدين لانهما كانا في انتظار وصول خالها الذي تأخر عن موعده في حين كان الجميع حاضرين إلا هو وحتى المأذون قد حضروبعد أكثر من ساعة من الانتظار الموجع جاء خالها وما هي إلا لحظات حتى انتهت الاجراءات وأصبحت مريم زوجه ل مروان جاء خالها ليهنئها أو بالأحرى ليسمم بدنها وروحها بكلامه الذي لا يوجد به أي رحمة قال لها ساخرا
مبروك يا بت أختي بس مش جادره تستني ل سنوية أمك ولا متستهلش منيكي صبر
كانت مريم في أوج ڠضبها وحزنها لكن احترامها منعها من سب خالها وإن كان هذا كل ما تتمناه الآن لم تستطع أن تفعل شيء سوى أن تستأذن في الانصراف ودخلت شرفه المندرة تبكي بحړقة جاء خلفها مروان وقد شعر بألمها ف ضمھا لصدره بشدة وظل يربت فوق حجابها بخفة محاولا تهدئتها قائلا
أهدي يا مريم معلش كان لازم نتجوز عشان محدش يقدر يتكلم عليكي اوعدك إن حياتك اللي جايه هتبقى كلها فرح مش هيكون شغلي حاجه ف الدنيا غير إني بس أسعدك
هما معاكي وحواليكي والله شايفينك وحاسين
متابعة القراءة