رواية مكتمله بقلم هدير محمود
المحتويات
بسرعة وتعالى معايا
أتعقم بسرعة أيه وآجي معاكي فين
يتعامل مع الحالة ديه غيرك
غيري أيه ما أنتي عارفة إني مش هدخل عمليات دلوقتي والطريقة ديه متنفعش معايا شوفي أي دكتور تاني يساعدك أنا لأ
وهم بالانصراف ..لكنها جذبته من معصمه قائلة
أدهم أرجوك ساعدني ننقذ الأم والجنين مفيش وقت للكلام ده ومفيش دكتور شاطر زيك ويقدر ينقذها
هل سترفع مريم راية استسلامها وتتركه وشأنه وتضعف أمام أتهامه لها أم ستستمر قوتها وتتغلب على خوفه وتستطيع مساعدته وهل سيحالفها الحظ هذه المرة وينقذ أدهم المړيضة أم انها بداية النهاية لأدهم طبيب النساء الماهر هذا ما سنعرفه في الفصل القادم
البارت 8
أدهم أرجوك ساعدني ننقذ الأم والجنين مفيش وقت للكلام ده ومفيش دكتور شاطر زيك ويقدر ينقذها
زي اللي فاتت كده !..إنتي للدرجادي بتكرهيني عايزة تدمريني عشان مقدرش أدخل عمليات تاني الست ديه لو ماټت أنا مش هقدر أدخل عمليات تاني أبدا ومفيش ست هتثق فيا أصلا
وفي تلك اللحظة سمعا صوت الممرضة تأتي من داخل غرفة العمليات وتخبرهم بأن النبض يقل ونبض الجنين هو الآخر بدأ يختفي ..هنا صړخ أدهم في الممرضة وطلب منها إعطاء المړيضة حقنة أخبرها بها وفي لحظات كان قد تعقم وارتدى زي العمليات وكان بالداخل وخلفه مريم كانت تلك المرة الأولى التي تجتمع مريم وأدهم في غرفة عمليات
الزوج بلهفة ومراتي منى ..منى عاملة أيه يا دكتورة أوعي تقولي جرالها حاجة أنا مقدرش أعيش من غيرها أنا والولاد
اطمن الحمد لله ربنا كان معانا ونجاهم هما الأتنين بس بصراحة وتوجهت ببصرها تجاه أدهم الذي مازال حاملا الطفلين الفضل يرجع لدكتور أدهم بعد ربنا طبعا لولاه كنا أكيد
نظر له أدهم في تأثر واضح وقال
أنا معملتش حاجة ربنا اللي ساعدني وكمان دكتورة مريم ..ربنا يحفظلك المدام ويباركلكم في بعض ويحفظلكم أولادكم بعد أذنك
تركته مريم ينصرف دون أن تنبس ببنت شفة ف هي تعلم أنه في أشد لحظات التأثر ..ومر اليوم والمستشفى لا تتحدث سوى عن أدهم وانقاذه للأم وطفلها وحينما حان موعد انصرافهما من المستشفي ركبا معا السيارة فقد كانا دائما ما يركبان في نبطشيات السهر لانه كان يخشى عليها من السواقة في الوقت المبكر جدا لأن الشوارع تكون خالية تماما من المارة لذا كانا متفقين أن يعودا معا في نفس السيارة في تلك الأيام ..وفي ذلك اليوم لم يتحدثا بأية كلمة حتى عادا لمنزلهما وحينما همت مريم بالتوجه إلى غرفتها
آسف على أيه وشكرا ليه
آسف على الهبل اللي قولته قبل العملية ..وشكرا على الفرصة اللي أديتهالي عشان أرجع للعمليات تاني
أنا مش زعلانه لأني عارفة أنك كنت مضغوط وقتها وكنت عارفة قد أيه أنتا متوتر .. بس يا أدهم عايزاك تعرف حاجة أنا عمري ما أفكر أذيك بأي شكل من الأشكال مش بس أنتا أنا معرفش أأذي حد أصلا أرجوك خلينا نعيش في هدوء من غير جو المؤامرات ده افتكر دايما إني بنت عمك عمري ما هوجعك ولا أأذيك ولا أخون ثقتك
ماشي وأنتا من أهله
بعد يومان من تلك الليلة استيقظت على صوت جرس الباب وقد قام أدهم ب فتح الباب وجدت اثنان من العمال يحملون شيئا يبدو ثقيلا وبعدما انصرفا خرجت هي ل تعلم ما هو هذا الشيء الذي أحضره أدهم فسألته قائلة
أنتا جبت أيه
وأنتي مالك
شكرا على العموم أنا أسفة
استني أنا بهزر معاكي تعالي أنا أصلا جايبلك الحاجة ديه
مش عايزة منك حاجة
أدهم بمزاح متسائلا لا والله !وفضول الأنثى مبياكلكيش والله ھتموتي وتعرفي
متحلفش بس مش عايزة أعرف قولتلك ولا يهمني أصلا
ماشي ماشي مصدقك تعالي بقا خلينا نشوف هنحطه فين
هو أيه ده
هههههه مش قولتي مش عايزة تعرفي وميهمكيش بتسألي ليه بقا
تصدق أنتا رخم أنا داخلة أوضتي
هيا بقت أوضتك كمان عاملة زي أسرائيل يقعدوا ف مكان يومين يبقا بتاعهم
خلاص داخلة أوضتك
اتمحكي فيا بقا وتدخلي أوضتي بتاع أيه بطلي شغل الستات ده
يالهووووي على شغل الستات وسنينه أروح المستشفي أبات هناك عشان أخلص منك
طب خلاص خلاص تعالي بقا بجد عشان نشوف الحاجة ديه هنحطها فين تعالي الأول افتحيه وشوفيه
مريم بفرحة أيه ده! ..ده الفوتيه زي اللي عندك في أوضتك
أنا جبتهولك اللون ده عشان يليق مع ألوان الأوضة بتاعتك ..
قاطعته قائلة قولت أيه الأوضة بتاعتك مقولتش أنا حاجة من عندي
مهي بقت بتاعتك لحد ما أخلص من استعمارك ليها
على العموم الموضوع في أيدك وقت ما تقرر تنفذ الخطة اللي مقولتليش عليها
المهم أيه رأيك فيه حلو
أه حلو جدا ميرسي بس ليه كلفت نفسك
ولا تكلفة ولا حاجة وبعدين عينك رشقت في الفوتيه بتاعي ل يجراله حاجة فقولت أجبلك ده أحسن عشان أحافظ على التاني
لا والله
!ماشي على العموم بردو شكرا
المهم تعالي نشوف هتحطيه فين
دخلا معا غرفتها واختارا زاوية كانت فارغة ووضعاه في تلك الزاوية وأصبح هذا المكان هو المكان المفضل لديها تجلس فيه دائما لتقرأ ..
مرت الأيام والأسابيع والحياة بينهما تسير بشكل هاديء عن ذي قبل ..وأيضا في العمل كل شيء يسير بشكل هاديء وتقليدي حتى هذا اليوم ف بينما كانت تجلس في غرفتها في المستشفى شاهدت في التلفاز حاډث احتراق القطار في رمسيس علمت وقتها أن المستشفى التي كانت تعمل بها حتما تكتظ بالحالات الطارئة ف هي قريبة من مكان الحاډث فاتصلت بإحدى زميلاتها ف لم تجيب بعدها اتصلت بإحدى عاملات النظافة فأجابتها واخبرتها أن الوضع سيء للغاية وأن المستشفى مليئة بالحالات الحرجة فأغلقت معها واتصلت بمدير المستشفى وطلبت منه أن تأتي لتساعد أقرانها في تلك الظروف العصيبة وعلى الفور وافق المدير فهو في أشد الاحتياج للأطباء خاصة أطباء الجراحة والطواريءوما هي إلا لحظات حتى استأذنت من المستشفى وانطلقت بسيارتها إلى هناك وفي طريقها اتصلت بأدهم وأخبرته عما حدث ف عرض عليها أن يأتي معها ليوصلها لكنها شكرته وأخبرته أنها في طريقها الآن إلى هناك ..
مرت الساعة تلو الساعة وهي لم تعلم كم مر من الوقت وهي في المستشفى ..كانت قد وصلت المستشفى الساعه الثانية عصرا وها هي الآن الساعه العاشرة ليلا مر عليها أكثر من ثماني ساعات وهي هناك حينما أمسكت بهاتفها وجدت أكثر من عشر مكالمات فائته من أدهم شعرت أنها بحاجة شديدة إليه ف هي في حالة لا
تسمح لها بالسواقة الآن اتصلت به وطلبت منه أن يأتي إليها ليعيدها للمنزل وبالفعل بعد حوالي نصف ساعه كان أمامها لم يسألها شيء ولم يتكلم ف حالتها كانت يرثى لها وحينما عادا إلى منزلهما نظر إليها متسائلا
اليوم كان صعب أوي مش كده
فعلا أصعب مما تتخيل
معلش ..طب روحتي ليه
كان لازم أروح ..بس عارف لأول مرة في حياتي كنت بتمنى إني مكنتش روحت
تعبتي أوي في الشغل
ياريت كان الموضوع على قد التعب كل الحالات اللي حاولت انقذها ف ال 8 ساعات ماتوا لدرجة إني مبقتش قادره أعد هو ماټ كام حد الراجل والست مش أنا بس تقريبا معظم الحالات اللي دخلت مع بقيت الدكاترة ماتوا متخيل!.. ريحة المۏت كانت في كل مكان والاصابات كانت صعبة وخطېرة المۏت غلبنا كلنا كنا طول اليوم بنحارب شبح المۏت اللي كان حوالينا في كل مكان
مش عارف أقولك أيه بس أنا حاسس قد أيه الوضع كان صعب عليكي
عمرك ما هتحس باللي كنت فيه النهارده ومتمناش أنك تحسه لأنه صعب صعب أوي ..هو احنا ليه بيحصل فينا كده يا أدهم ليه كل شويه حاډثة قطر ..أتوبيس ..عبارة ..عربية ..انفجار ..ارهاب ..ليه ليه يا أدهم بقينا نهون على بلدنا كده !أنا كنت بعشق تراب البلد ديه ومكنتش أقدر أتخيل إني ممكن اسيبها في يوم من الأيام لكن خلاص تعبت مش قادره أشوف كل الۏجع ده أنا عايزة أسافر أرجوك يا أدهم لو تقدر تساعدني في الموضوع ده ياريت عايزة أسيب مصر
ممكن تهدي وهعملك اللي أنتي عايزاه
أهدى !أنتا متخيل حالة أهالي الناس اللي ماټت عاملة أزاي متخيل وجعهم اللي فقد ابن واللي فقد أم واللي فقدت زوج واللي
فقد زوجة ..ليه مبنسمعش مثلا عن حاډثة في الكومبوند الفلاني ولا المدينه الفلانية ليه دايما كل الحوادث بتمس الناس الغلابة اللي بيجروا طول اليوم عشان بس يجيبوا قوت يومهم ويحاولوا يحاولوا بس يعيشوا زي البني آدمين ده لو سمينا عيشتهم ديه أصلا آدميه ..أنتا عمرك ما هتحس باللي بقوله لأنك سافرت بره وقعدت في أمريكا مدة طويلة ولما رجعت كان معاك اللي يخليك تشتري شقة ف مكان كويس ويبقا ليك العيادة بتاعتك وتشتغل في مستشفى خاص استثماري مش بيدخلوها إلا .. مش بتشم إلا ريحة البرفانات لكن أنا شوفت الغلابة دول واتعاملت معاهم كل يوم في شغلي في المستشفى القديمة وشميت ريحة تعبهم ووجعهم ..احنا كنا طول الوقت مستورين أو من اللي بيقولوا عليهم الطبقة المتوسطة
الطبقة اللي اتفرمت بين الاتنين وكل شوية بتنزل ل تحت الناس تعبت تعبت أوي يا أدهم عارف كتاب يوتبيا بتاع دكتور أحمد خالد توفيق
أه قريته قبل كده
كنت بقول عليه مبالغ أوى وشايف الدنيا سودة بس الظاهر أنه كان شايفها صح أوى افتكرت النهارده فقرة من كتابه سيتركون العاصمة القديمة لتحترق بأهلها وتندثر ظلما وقهرا وفقرا ومرضا وسيذهبون إلى عاصمتهم الجديدة حتى لا تتاذي أعينهم بكل ذلك الدمار تفتكر حد من الطبقة العليا ديه يقدر يستحمل اللي شوفته النهارده الأجابة لأ طبعا عينهم تتجرح لكن احنا عادي ڼموت ونتوجع ونفضل نضحك على نفسنا ونقول بكرة أحلى
مريم أرجوكي أهدي بقا ممكن تقومي تنامي وترتاحي وتبطلي تفكير
ارتاح وأنام ! أزاي بعد اللي ماتوا بين أيديا وأنا مقدرتش أنقذهم
فاكرة يا مريم لما الست اللي بتولد ماټت مني قولتيلي أيه هقولك نفس كلامك عمرهم انتهى لحد اللحظة ديه وأنا كمان واثق أنك عملتي كل اللي تقدري عليه وأكترعشان تنقذيهم بس في الأول والآخر إرادة ربنا هي اللي بتتم يبقا نقول أيه
لا إله إلا لله ..إنا لله وإنا إليه راجعون
صح كده إنا لله وإنا إليه راجعون طيب لازم تآكلي حاجة بقا أنتي من الصبح مأكلتيش حاجة وأنتي عارفة أن ضغطك واطي ومينفعش قلة الأكل ديه
لأ معلش يا أدهم مليش نفس ..
مفيش حاجة اسمها مليش نفس وبعدين أنا كمان مكلتش وكنت مستنيكي عشان نتغدا مع بعض
وافقت مريم على مضض وجلست على المائدة لكنها لم تأكل شيئا حاول أدهم معها لكنها طلبت منه أن يتركها وستتناول الفطور في الصباح .. وتركته ودخلت غرفتها حاولت أن تجاهد نفسها ولا تفكر فيما مر عليها اليوم لكنها لم تستطع وظلت ليلتها تتقلب من جانب إلى آخر وهي تتسائل أي ذنب أقترفت هؤلاء الناس حتى يموتوا تلك المۏتة البشعة !..ولما يئست من النوم قامت وتوضأت وظلت تصلي وتبتهل إلى الله أن يرحم هؤلاء الأموات وأن تقيهم نيران الدنيا التي احترقوا فيها نيران
وفي الصباح دخل غرفتها على أطراف أصابعه حتى لا يوقظها اطمئن عليها وكتب لها ورقة انه سيأخذ لها اليوم أجازة حتى ترتاح من جهد أمس وأعد لها الفطور ووضعه على الفوتيه بجانبها ووضع تلك الورقة على الصينية حتى تراها ..
ذهب هو إلى عمله لكن عقله كان شارد بها وفي حالتها طيلة يومه ولقد لاحظ سيف شروده بينما كان يحدثه ف نظر له قائلا
أيه يا عم أدهم مش مركز معايا ليه اللي واخد عقلك
لأ معاك بس متضايق شويه عشان مريم
مالها
مفيش راحت امبارح المستشفى بتاعتها عشان الحاډثة بتاعت القطر اللي كانت في رمسيس وقعدت هناك طول اليوم وراجعه حالتها النفسية زفت
عندها حق والله ..الله يكون في عونها الواحد مستحملش يشوف المتابعة في التليفزيون فما بالك بقا باللي عاش في الأحداث ديه
أنا روحت خدتها من هناك مكنتش قادرة تسوق
طيب ما تحاول تخرجها من الحالة ديه
ياريت اقدر بس مش عارف ممكن أساعدها أزاي
بس حلو في بدايه قلق واهتمام وشكلك هتقع في المصيدة قريب
والله أنتا فايق ورايق ده شعور انساني ملوش دعوة بالهبل اللي أنتا بتقوله ده
لا والله شعور إنساني ماشي يا إنسان أنتا بص حاول تخرجها اعزمها على الغدا بره قضوا يوم ف أي مكان فيه بحر
أنتا عبيط يا سيف ديه بنت عمي مش مراتي بأي حق يعني هعمل العبط ده
يا سلام هما بس المتجوزين اللي بيسافروا مع بعض ما الاصحاب بيسافروا عادي
يا ابني احنا أولا مسلمين وده مينفعش لايجوز يا بيه ثانيا أحنا صعايده معندناش الهبل اللي بتقول عليه ده
صعايدة أيه والنبي يا أدهم يا ابني أنا من يوم ما شوفتك عمرك ما اتكلمت ولا كلمة صعيدي وحتى مريم مسمعتهاش بتتكلم صعيدي خالص يبقا بلاش تماحيك في الصعايده بقا
مقولنا متقولش والنبي يا سيف أسمها بالله عليك ماشي وبعدين حتى لو.. مين قالك انها هتوافق وبعدين لأ مينفعش عايزني اسافر معاها لوحدي أنا أه عايز أساعدها بس في الأول والآخر هي ست وأنتا عارف أنا مش بطيق الستات ولا سيرتهم
يادي النيلة على العقد يا سيدي اعتبره موقف انساني مش ده كلامك بردو
غور ف داهية يا سيف أنا بكلمك ليه أصلا يلا سلام
براحتك يا ابو الشباب ..سلام
سلام يا أخويا
ظل أدهم يفكر طويلا في اقتراح سيف الذي نال في نفسه استحسان وقبول لقد وجد أنه الحل الوحيد الذي بإمكانه تغيير حالتها النفسية للأفضل لذا قرر أن يقوم بهذا الحل حتى وإن كان لا يرغب في ذلك وقرر ألا يخبرها لانها قد تعترض سيخبرها فقط أنهما ذاهبان لمشوار مهم وسيعد هو كل ما يلزم لتمضيه هذا اليوم وبالفعل ذهب للهايبر ماركت الموجود بالقرب من المستشفى واشترى كل ما قد يلزمهم في رحلتهم تلك
متابعة القراءة