ميراث الندم بقلم امل النصر

موقع أيام نيوز


اكتر واحدة فاهماه
... يتبع
الفصل الحادي عشر
اكتمل عدد الحضور من الرجال من وجهاء العائلة 
بعد ان حرص فايز على إحضارهم بنفسه ليبتوا في امر رجوعه للمنزل وكي يتمكن من وضع يده على الأملاك الأخرى بعد أن كانوا شاهدين قبل ذلك على هذا الأمر المشين في حرمانه من امتلاك المنزل في جلسة كهذه بفعل مباشر من والده الذي يرقد في المشفى الان.

لكن ها هو اليوم يعود إلى المكان الذي طرد منه حينما خرج مهانا مدفوعا دفعا كالبهائم حتى لا يفتك بهذا الذي نال كل الحظ في امتلاك حب الجميع وبعدها الإستيلاء على حقه لكن القدر كان له رأي آخر يبدوا انه قد حانت اللحظة الحاسمة في رجوع الامور الى نصابها بعودة الحقوق لأصحابها.
اليوم جالسا بثقة فاردا ظهره بعزة ينظر لدلوف أبناء شقيقاته اخيرا واحدا خلف الاخر ونظرات قاتمة يواجهها منهم فهم اليوم يعرفون مصيرهم جيدا فور ان يضع يده على المنزل بصعوبة أخفى ابتسامته وهو يتخيل مشهدهم بعد اصدار الحكم من الكبار بعد قليل لصالحه وقتها لن يتأخر عن طردهم مباشرة دون انتظار ولن يلومه أحد.
استدرك لاستمرار الأحاديث بين الرجال رغم اكتمال كل شيء ليهتف بأكبر الموجودين سنا
عم رحيم انا بجول نبتدي بجى مش عايز أخركم اكتر من كدة خلينا نخلص.
سمع منه الرجل ليدق بعصاه الخشبي على الأرض بقوة بأمر مباشر الى الجميع
الكل يسكت خلونا نبتدي الجلسة.
على الفور توقفت الأصوات والټفت الرؤس نحو الرجل الذي توسط الجلسة بإجلال واكبار يوزع ابصاره عليهم فرد فرد لليتأكد من صمتهم وقد عم الهدوء المكان فقال بصوت يحمل الوقار والهيبة رغم تقدمه في السن
عايز الكل يجعد ساكت وينتبه كويس للي جاي ومهما كان الكلام تجيل ولا ميعجبش حتى برضوا مفيش اعتراض مش عايزين الهرجلة اللي تمت المرة اللي فاتت تتكرر تاني انا المرة اللي فاتت مكنش ليا حكم في وجود عبد المعطي ربنا يقومه بالسلامة يارب لكن النهاردة مفيش حجة سامعني يا سند وانت يا عيسى وانت الاهم يا فايز.
بعنجهية تثير الدهشة رد الاخير
وانا ايه اللي يعصبني يا بوي انا المرة دي جاعد مأدب عشان سايب حجي في يدكم يبجوا هما بجى اللي يمسكوا نفسهم.
امتقع الاثنان يناظرنه بمقت حتى ارتسم على الوجوه خطوطا طولية مشتدة ورغبة عدائية تصرخ بها الأعين في انتظار الإذن أما العم رحيم فقد لاح على جانب شفته شبه ابتسامة متهكمة اخفاها على الفور قبل ان يقول
زين يا فايز العجل ده ياريت تكمل على بجية الجعدة اكدة....
صمت برهة الرجل قبل ان يردف
اظن كل اللي في الجاعدة عارفين بمشكلتك يعني مش محتاجة
شرح ومدام المجلس مجتمع للبت في المشكلة يبجى يحضر المدعي والخصم المدعي هو انت طبعا والخصم هما عيال اختك مندوبين عن امهاتهم مش كدة برضوا
وجه الأخيرة نحو الاثنان فتكفل سند بالرد باندفاع 
ايوة يا عم رحيم بس احنا بجى.......
استني يا ولدي........
هتفت بها الحج رحيم مقاطعها له كي يتوقف قبل أن يفاجئه
بس احنا كدة ناجصنا عضو!
باهتمام شديد اعتلى وجوه الثلاثة حتى ردد عيسى بالسؤال
جصدك
على مين يا عم رحيم مين اللي ناجص منينا
انا يا عيسى.
صدرت من مدخل المجلس ليلتف الجميع نحو التي ولجت فجأة تتقدم بخطواتها نحو الداخل بثقة غير عابئة بأنها الأنثى الوحيدة وسط عدد كبير من الرجال ذهبت عينيها نحو سند حين لفظ بكنيتها مستغربا
مرت عمي.
تغاضت عن الرد لتكمل بنظرة ثاقبة كالسهم التقت بعيني من يصنف بأنه زوجها وقد ضاقت عينيه يطالعها بارتياب لا يصدق هذه الطلة المباغتة له بجرأة لم يعتادها منها طوال معرفته بها من وقت ميلادها على الأكيد وتربيتها امام عينيه.
تعالي يا بتي اجعدى جمبي.
قالها الحج رحيم يشير على مكان مجاور له على الاريكة الخشبية بعد أن أمر أحد ابناءه الحاضرين بالنهوض من جواره لأجلها.
وقبل ان تصل إليه صدر صوت فايز بإحتجاج
تجعد فين ايه المسخرة دي يا عم رحيم احنا جاين في ايه ولا ايه
تجاهلت رفضه وكأن صوته لم يصل لأسماعها من الأساس لتتخذ مقعدها بجوار الرجل الذي تولى الرد بحزم
نجي كلامك يا فايز مفيش حد فينا له في المسخرة سليمة حاضرة عشان هي طرف اساسي في الموضوع.
ذهب الظن لصفتها بأنها أم الراحل صاحب المنزل حتى عبر عيسى عن تأثره
الله يرحمك يا حجازي يا غالي.
تمتمت الافواه من خلفه بالترحم وذكر محاسن الغالي صاحب الأخلاق العالية حتى ضج فايز ليهتف غاضبا
ما خلاص بجى وخلينا نشوف ام البلوة دي
توجه سائلا للعم رحيم
دلوك اللي انا عايزة اعرفه ايه دخل انها ام المرحوم بالجعدة المهمة دي
جاء الرد منها صاعقا مدويا
جالك اني طرف ودي ملهاش دخل بأني ام اللي راح صاحب البيت لا..... دي ليها دخل بأني شريك اساسي...... انا شريك اصلي في البيت اللي بتتكلموا عليه.
صدر صوت الهمهمات والتساؤلات ليعقب فايز باستخفاف ساخر
شريك! انتي سميتي الجزء الصغير من ورثك في ولدك بشريك
أجابت ببساطة
ومين جالك اني بتكلم عن الورث من ولدي الله يرحمه ويدخله الجنة بحج رضايا عليه يارب....... انا بتكلم عن ورثي في ملك ابوي الحج حمدين الدهشوري ما هو كان شريك في الأرض اللي اتبنى عليها البيت ولا انت متعرفش
اعتدل بجلسته بتحفز ليذهب عن ملامحه العبث ويحل محلها إجفال تام مع بودار ڠضب تلوح في الافق
حتى صدر صوت سند معبرا عن صډمته
ايه اللي بتجوليه ده يا مرة خالي ازاي يعني الكلام ده
همت تجيبه ولكن الحج رحيم اوقفها بإشارة من كفه ليردف موزعا أنظاره على الثلاثة
سليمة اللي بتجول عليه هو الصح يا ولدي جبل ما يتبني البيت ده من اكتر من خمسين سنة ويتعرف باسم جدك الله يشفي عنه هو كان في الأصل بيت ابوه عوض الدهشوري والد عبد المعطي وحمدين يعني الاتنين كانوا اخوات ولاد وبما أنهم ولاد فجيمة العدل في نصيب كل واحد منهم الورث كد بعض.
لكن يا ولدي زي ما انتو عارفين حمدين ماټ في عز شبابه شهيد بيحارب ع الجبهة معظم سنين عمره جضاها في الحروب اللي خاضتها البلد عبد المعطي هو اللي كان بيراعي الأرض وكبر مساحتها لحد ما بنى البيت من كده وعرجه على اساس ان اخوه لما يخلص يسكن معاه لكن الجدر كان له رأي تاني وساب سليمة في بطن امها اللي ماټت هي التانية وهي بتولدها عشان يربيها عبد المعطي وسکينة وسط عيالهم.
ايه القصة العجيبة دي
صاح بها فايز يذهل الجميع بصوته الذي ارتفع مع نهوضه ليتابع مستخفا
عاملين قصة ورواية احنا مالنا بالكلام ده انا اللي اعرفه حاجة واحدة هي ان البيت كان ملك ابويا جبل ما يكتبه للمرحوم ولدها ولا انت عايز تفهمني ان ابويا مكنش واخد باله منها دي
لأ يا فايز كان واخد باله وعارفها كويس. 
قالتها مدوية بوجهه تتابع بجرأة أذهلته
ابوك لما عمل الجلسة هنا مكنش بيتكلم عن البيت كله كان بيتكلم عن نصيبه وبس هو جالهالي بعد كدة واداني الورج اللي يثبت حجي جالي انا اتصرفت في اللي يخصني لكن نصيبك انتي يا بتي انا مينفعش اجرب منه.
وانا شاهد .
صدرت من الحج رحيم يضيف على قولها انا كنت شاهد على العجود زي ما كنت شاهد ع الحكاية من اولها.
بدأ الإحتقان بداخله يصل إلى الذروة مع استيعابه للمعلومات الجديدة والتي تتدفق من الاثنان وكأنهم كانوا على اتفاق من البداية ليبدوا هو المغفل أمام الجميع وهذه المرأة التي تناظره بتحدي
وصوت الهمهمات الساخرة يصل لأسماعه حتى صاح كالمچنون.
دي لعبة انا متأكد ان دي لعبة وعاملينها عليا بعد العمر دا كله جيبلي ورج من تحت الارض وتجولوا نصيبها انا لا يمكن اسكت دا انا اطربجها على راس الكل.
هدر به الحاج رحيم امام دهشة الجميع
لم نفسك يا واد انا مش عيل ولا راجل ناجص جدامك انا بتكلم في حج جيبنا عنه الصورة كاملة جدام الكل.
اكملت على قوله سليمة بتحدي صارخ للآخر
مش معنى ان طول عمري ساكتة ومباطلبش ولا بتكلم معناه ان مش عارفة حجي لا انا عارفاه زين جوي بس ممكن اكون ساكتة عشان توقير ومراعية للي رباني وعاملني زي بنته او ممكن عشان مكنتش مهتمة زي ما في حاجات كتير لحد دلوك مستغنية عنها عشان متلزمنيش.
قالت الاخيرة بازدراء واضح وصل معناه للاخر ليهيج كالثور بصياحه يتقدم نحوها
لا انتي محدش رباكي وكانك كنت مستنية الراجل الكبير يختفي عشان تخلعي برجع الحيا والظاهر ان انا كنت غلطان لما سيبتك على كيفك.
هجموا عليه الرجال ليقيدوا حركته وتحرك سند وعيسى ليتصدروا بجسدهما امامها بدفاعية وقد وجدوا خيطا جديدا في التصدي له مرددين
حاول بس تجرب منها واحنا منبجاش رجالة لو ما رجدناك طريحة.
انفلت الزمام واصبحت اصوات الشجار تصل للخارج فلا احد قادر على ايقافه وقد صار المچنون يريد الفتك بها أو بزوج الثيران بعد أن جائتهم فرصة من ذهب في تحديه.
وه انت متأكد من اللي بتجولوا دا يا واد
صدر السؤال منه بعدم استيعاب لكم المعلومات التي يلقيها أمامه الاخر والذي تابع مؤكدا
زي ما بجولك كدة يا كبير المندرة من ساعة بس كانت مولعة وكل الناس اللي في الشارع كانت متلمية تسمع الزعيج دي كانت عركة واصلة للسما فايز طلع متشال شيل على الدرعات بعد الرجالة ما جيدوا حركته ولسانه الزفر بيرمي بأعفش الكلام عن الولية مرته وبت عمه زينة الحريم الست سليمة كان زي المچنون ومحدش عارف يوجفه.
وجوز التيران دكهم كان ايه دورهم
جصدك على سند وعيسى لا دول كانوا واجفيلوا وبيدافعوا عنها ما هم خلاص لجوا الحاجة اللي تكسر عنجهية غريمهم اللي كان متحلفلهم بالطرد.
مفاجأة سليمة هي مفاجأة بكل المقاييس هذه المرأة التي لم يراها سوى مرات قليلة بالكاد تذكر ولم تبدوا امامه سوى امرأة هادئة مستكينة حتى في مۏت وحيدها لم يصدر منها الافعال التي تعرف عن النساء المكلومة من جنون واڼهيار من أين لها بهذه القوة كي تتحدى الثور زوجها
عايزني في حاجه تاني يا كبير
تفوه بالسؤال حميدي يفيقه من شروده اماء له بطرف ذقنه للأمام كي ينصرف.
وفور خروجه اشتعلت رأسه بالأفكار السوداء خوفا وړعبا نحو من سلبت فؤداه وتعلقت روحه بابنها أيضا لديه شعور غير مريح على الإطلاق بانعكاس هذه الأخبار سلبا عليهما دائرة الخطړ تزداد ومن فكر في التخلص من زوجها سابقا لن يصعب عليه الان الاڼتقام من الباقين.
لقد ألقت سليمة قنبلتها في وجه الجميع وهذا حقها يبدوا من تفكيرها المتوازن انها لا تغفل عن شيء والدليل هو صرفها لنادية حتى تبعدها عن النيران المشټعلة هي وحفيدها لتنعم بالأمان وسط اهلها ولكن هل هي بالفعل الان في امان
منزل هريدي الدهشان في منطقة جبلية كباقي منازل العائلة منازل بإعداد قليلة تتوسط العديد من الافدنة المستصلحة لا يوجد كثافة سكنية بل هي مناطق شاسعة في الخلاء ليست بمأمن كامل عن الذئاب الصحراوية او الوحوش البشرية اذا غاب الحرص او الحذر هذا من ناحية.
والناحية الأخرى هو المتربصين المنتظرين فرصتهم طمعا بها لقد تأمل بوضع فايز يديه على المنزل ان يطرد هذان الجلفان من المنزل حتى يخرجا من البلدة بأكملها 
فيتبقى له الغليظ ناجي يبحث له عن طريقة تصرفه هو أيضا لكن الان لا يوجد وقت لابد من تصرف سريع حتى يضمها تحت جناحه لن يظل مكتوف الايدي بعد ذلك ينتظر الفرص.
في منزل الدهشوري
وقد هدأت العاصفة وتبقي افراد المنزل فقط بعد انصراف الجميع وذهاب فايز خائب الرجاء بعد ان صعقته سليمة بالجديد كان النقاش يدور الان حولها
ليه مجولتيش جدامنا يا مرة خالي من الاول ليه سيبتينا على عمانا كل الوجت اللي فات
صدر السؤال من سند اليها لترفع رأسها نحوه ثم تنقل بالنظر منه وإلى والدته في قائلة
السؤال ده ميتجالش ليا دا توجه لامك ولا هي يعني مكانتش عارفة.
ردت هويدا بوجه جامد وقد فهمت مقصدها
الكلام دا جديم يا سليمة يعني مش كل الناس مخها صاحي زيك ابويا لما طلب مني التنازل عن حجي في البيت لصالح حجازي الله يرحمه مكتبش النسبة جدامي ولا جالي على تفاصيل وانا وافجت عشان محبتي للغالي يعني كانت نيتي سليمة يا سليمة.
تبسمت لها على الأخيرة تدعي تصديقا لا يدخل عقلها لتضيف نعيمة هي الأخرى
وانا كمان كان كل اللي هامنني هو
جمعتنا مع بعض في بيت عمره ما كان هيتجفل في وجود حجازي الله يرحمه كلنا مستورين لكن كفاية علينا نتلم مع بعض.
قالتها بعاطفية لم تؤثر في سليمة التي ترى الان الصورة كاملة من جميع جوانبها وقد زاحت عنها العاطفة حتى لا تنساق خلف أحد بدون العقل .
عقب عيسى يشاكس جدته
كلكم بيتكلموا وسايبين السهونة دي اجطع دراعي ان ما كانت عارفة كل حاجة من الأول ما هو مش معجول يعني يعدي عليها حاجة زي دي ولا ايه يا سکينة
استجابت له بابتسامة ليس لها معنى قبل أن تنقل ابصارها نحو سليمة التي ربتها كإبنة انجبتها من بطنها بتساؤل أجابت عنه الأخرى بابتسامة صافية خالية من أي عتب فهي الأدرى بما تحمله المرأة العجوز من هموم ثقيلة كبلتها عن المواجهة او اتخاذ قرار حاسم في أي شيء فهي الضائعة بغياب سندها عنها لن تزيد عليها بلوم حتى لو بنظرة.
صدر صوت سند كمنبه للجميع رغم استهزائه
زمان خالي دلوك هيفرجع من الغيظ مش بعيد يولع في نفسه وفي شربات..
ختم بضحكة شاركه بها عيسى باستخفاف لم تتقبله النساء لعلمهن بخطۏرة الاثنان وهذا الأمر يزيد من توجس سليمة من القادم
صړخت به بحالة من الجنون وكأن شيطان مسها أو مطرقة ثقيلة ضړبت رأسها من وقت ان علمت بكل ما حدث فقد صار الأمر كڤضيحة لها ولزوجها وهذا
الخزي يتعرض له أمام نفس الرجال وفي نفس المكان
سليمة! سليمة يا فايز هي اللي عملت فيك كدة وهزجتك جدام الرجالة سليمة
لمي نفسك يا شربات بدل ما اكسر نفوخك النهاردة انا على اخري. 
هدر بها وارتفعت يده نحوها بغرض ضربها ولكن ابنه تلقفها لينهره پعنف
ما تمدش يدك عليها ولا انت مجدرتش على دوكها جاي تحط غلبك في امي....
صعق فايز وبرقت عينيه بۏحشية نحو ابنه الذي يطالعه
 

تم نسخ الرابط