ميراث الندم بقلم امل النصر
المحتويات
عوف
بعد لحظات
كانت في طريقها نحو السيارة التي تنتظرها بسائقها على جانب الطريق لكن وقبل أن تصل اليها تفاجأت به بهتف مناديا بإسمها توقفت مجبرة تلتف إليه بنظرة متسائلة مستهجنة نداءه باسمها أمام البشر وعلى قارعة الطريق حتى إذا وصل إليها خرج صوته پغضب مكبوت
جاية بنفسك تستلمي الطرد المهم مكنش ينفع تبعتي السواج ولا حد من طرفك يستلمه
ينفع طبعا بس انا محبش حد يجيب حاجتي مش عيب ان اجيب اللي انا عايزاه بنفسي.
حاجتك اللي هي ايه يا روح
تسائل بها ليزيدها اشتعالا لتدخله السافر في شئونها وقد انتهى كل شيء يخصها معه ولم يتبقى سوى صلة الډم ومع ذلك لم يكف عن ملاحقتها رغم مرور السنوات وقد زادت منذ طلاقه ولكنها لن تعطيه فرصة للأخذ والرد ردت لتقطع حاسمة وقد ارهبتها هذه النظرة التي تعملها جيدا منه ومع ذلك تدعي عدم الاكتراث
لفظت كلماتها والټفت ذاهبة نحو وجهتها فوصلها غمغمته الواضحة
الكتب اللي بتيجي عشانها كل شهر
عضت على شفتها السفلى تكبح نفسها عن العودة اليه تمنع جاهدة فرص الاحتكاك به وهي ترى رغبته بها ظاهرة وضوح الشمس وعدم اكتراثه لرفضها له سابقا وكأنه عاد ليجدد عهده في الإلحاح والضغط عليها من اجل الزواج به وقد استراحت سابقا بزواجه ليته استقر حتى يحل عنها.
دلفت بخطواتها السريعة داخل الغرفة بحرص على تدفئة ابنها بعد أن حممته تخش أن يصيبه نوبة برد عادي حتى لتجلس به على طرف السرير ملتفا بالمنشفة الخاصة به وهي ما زالت تضمه ب لعدة لحظات تنشف على شعر رأسه وبعد الأجزاء من جسده حتى رفع وجهه إليها ضاحكا وهي معه بتواصل بصري جمعه بها لتشاركه المرح حتى عقب زوجها الذي أتى لينضم بجوارها يخاطب طفله
ضحك له الصغير وخرج
ردها هي بإصرار
طبعا لازم اخاڤ عليه ليسطه لسعة هوا تتعب صدره هو انا حمل كحة حتى تطلع من صدره الصغنن ده.
تبسم بيأس لينهض من جوارها نحو خزانة ملابسه كي يبدل ما يرتديه معقبا
حتى الكحة مش حملاها يا مرة جوي جلبك شوية العيال كلها هتتعب وتروج ولا انتي بس اللي أم يعني وجلبك رهيف.
صعبان عليكي جوز الولد اللي راحو منك بكرة تجيبي غيرهم وتخاوي معتز بالبنات والولاد استريحتي بجى يا ستي .
تبسمت بانتشاء وتنهيدة بتمني خرجت منها قبل ان تقول
بصراحة نفسي يا حجازي اصل انا بحب العيال جوي ولد أو بنتة وحاسة كدة اننا عوجنا على معتز دا عنده تلت سنين عايزة اللحج اجيب العدد اللي عايزاه.
خلاص يا ستي نشوف الموضوع ده ونركز فيه زين الايام الجاية مهو برضك تلت سنين على الواد كتير واحنا عايزين نلحج على رأيك...
اكمل بضحكاته التي ازدادت صخبا حتى تعجبت داخلها لهذا التحول من الحزن والتفكير طوال الأيام الفائتة الى ابتهاج مبالغ فيه وكأنه نفض عن رأسه كل همومه ولكنها سعيدة لسعادته ووقع الضحكات بأسماعها ما أجمله بالإضافة لمرح
حبيبها الصغير معتز والذي اندمج مع والده يشاركه الضحك والرد بكلماته الغير مفهومة.
بجولة قام بها على حصانه ليتفقد مساحات الأرض الشاسعة والتي كانت جبلية في الماضي لتصبح الان جنة خضراء بحجم المزروعات المتنوعة لها ومجتمع عمراني متكامل بعد أن استوطنت عائلته بإصلاحها وتعميرها ثم من بعدهم جاء باقي افراد البلدة تباعا ولكن كانوا هم الأصل لذلك خرجت التسمية نجع الدهشان
ولكنه تفاجأ في هذا الوقت الهادئ من المساء بشبح فرد ما جالسا على إحدى جذوع الأشجار وحده ورغم انتباهه له إلا انه تعمد ألا ينظر اليه حتى اقترب غازي ينزل من على حصانه مبادرا بالتحية والحديث
عارف عامل ايه يا واد عمي
رفع رأسه إليه بتكاسل ليجيبه باقتضاب وفتور اعتاد عليه منه منذ عدة سنوات اي من وقت فسخ خطبته بشقيقته
الحمد لله.... زين .
الحمد لله زين.
تمتم بها يرددها من خلفه باستهجان ليزفر هواءه المعبأ بغضبه واقترب يربط حصانة بأحد الفروع قبل أن يتقدم اليه يناكفه
خبر ايه بترد كدة من تحت الضرس كلت ورث ابوك انا اياك
رمقه بنظرة باردة خالية من أي استجابة واهتزت رأسه قائلا
كلته بجى ولا مكلتوش معدتش فارجة ياللا.
ازداد السخط بقلب غازي يضرب كفا بالاخر هاتفا به بعصبية
لا حول ولا قوة الا بالله يا واد عمي افرد خلجتك دي وكلميني زين خد وادي معايا مينفعش نجيط الكلام ده وانا جايلك بجلب ملهوف وجلجان لما شوفتك لوحدك في الدنيا الهو دي.
للمرة الثانية يطالعه صامتا بتفكير زاد من قلق الاخر حتى قطع حاسما
مش جادر انساها!
اهتزت رأس غازي بتساؤل اجاب عليه بنفاذ صبر
شوفت اختك النهاردة يا غازي طالعة من مكتب البريد واتحدت معاها دمي كان بيغلي وانا شايف عيون الخلج بتتطلع عليها هتجولي انت مالك هجولك دمي محاملش.
تجمد غازي وبدا الوجوم ظاهرا على صفحة وجهه وقد أجفله القول لا يعرف بما يرد والاخر لا يعطيه فرصة للتفكير بمواصلة حديثه
متبصليش كدة عشان انت عارف ومتأكد إن مشيلتهاش من دماغي حتى لما اتجوزت معرفتش اعمر مع مرتي وانا شايفها واحدة غريبة عني خدت مكانها.
توقف على رد فعل ابن عمه الذي اغمض عينيه يكبح بصعوبة ان يفتك به أو أن ېهشم فك وجهه بقبضة تكسر صف أسنانه حتى يكف لسانه عن النطق بأي كلمة أخرى. سحب شهيق طويل وأخرجه قبل أن يرفع رأسه بنظرة ڼارية يخاطبه بهدوء خطړ
تعرف يا واد عمي لولا بس صلة الډم اللي جامعة بينا وشوية المعزة اللي لسة شايلهم ليك قسما بالله ما كنت هرد عليك الا باللي تستاهله انا غلطان اساسا اني وجفت وكلمتك.
تحرك على الفور نحو حصانة يفك وثاقة حتى يذهب قبل أن ينفعل عليه ويضربه لكن وقبل أن يرفع قدمه أوقفه بقوله
شوفها ليه بترفض العرسان لحد دلوك يا غازي يا تجولها تتجوزني بجى وبلاها من وجف الحال ليها وليا ده.
زفر دخان من انفه وصدره يكبح بصعوبة أن يلتف نحوه وصعد يتحرك مغادرا بفرسه متجنبا النظر إليه حتى لا يضعف ويرق لحاله وهو عاجز عن تلبية طلبه.
وفي منزل الدهشان
حيث خرجت من غرفتها لترحب بإحدى النساء قريبة جدتها من بلدة أخرى
تعالي يا
روح سلمي يا بتي على جدتك رشيدة دي بتسأل عليكي من ساعة ما جات.
اقترب بابتسامة عذبة زادت من جمال وجهها الصبوح لتمتمد كفها نحو المرأة ترحب بها بحبور
ازيك يا جدة بتسألي عليا بالأسم كمان
توقفت المرأة العجوز تبصرها بانبهار مدمدمة
بسم الله ماشاء يا حلاكي يا بنية يا حلوة تعالي يا بت .
قالتها لتقبض على كفها وتجلسها بجوارها للتأمل بها بتمعن قائلة
اخر مرة شوفتك فيها كان من يجي ست سنين يوم جوازة اخوكي غازي على بت عمه سعيد صح ولا لاه
ضحكت تومئ لها برأسها
صح يا خالة وحتى سلمتي علي وكان معاكي مرة ولدك الكبير انا كمان فاكراكي.
تبسمت لها برضا قبل أن تميل عليها هامسة بسؤالها الملح والذي تتوقعه روح دائما
اتجوزتي بجى واد عمك اللي كنتي مخطوباله
هزت برأسها تنفي بابتسامة كالعادة أصبحت لا تبالي بها حتى وهي ترى وجه المرأة المجعد تغضن بحيرة متابعة الاستفسار والذي قطعته جدتها فاطمة بردها
مكملتش مع واد عمها يا خيتي ولسة نصيبها مجاش ادعيلها ربنا يفك العجد هي اللي بيجوها جليل يعني.
ازداد عبوس المرأة التي مازالت قابضة على كف روح تخاطبها بحيرة
كيف دا يا ابوي البت العسل دي تجعد كدة وواد عمها ده اعمى عشان يسيبها
زاد التدخل وهذا ما تكره في طباع الكبار رغم تقديرها الدائم لهم فتبدلت الابتسامة لتفلت يدها من المرأة حتى تنهي النقاش
واد عمي زينة الشباب انا اللي فسخت الخطوبة لما حسيت اني مش جادرة كل واحد بياخد نصيبه عن اذنك.
همت لتغادر ولكن المرأة اوقفتها بإلحاح
استني يا بتي ما تشوفي ريحتها يا فاطنة ليكون معمولها حاجة توجف حالها.
فردت جدتها كفيها أمامها بقلة حيلة للمرأة وضجت هي حانقة بهذه الجمل التي تحفظها عن ظهر قلب ولكنها التزمت الأدب والرد بزوق تجيده
كل حاجة نصيب يا خالة وانا هأذي مين يعني عشان يعمل اعمال ويوجف حالي عن اذنك بس اروح اشوف ايه اللي وراي......
قاطعتها بإصرار تمنع عنها الانصراف
يا بت استني مش لازم يكون حد جاصدك بالعنية مش يمكن خطيتي على مية مسحوره أو حاجة معمولة لغيرك الحاجات دي بنسمع عنها كتير لازم تعسي على نفسك.
اومأت بابتسامة صفراء مفضلة عدم الاستمرار بجدال عقيم وهذه المعتقدات الراسخة بالعقول لن ينفع معها الاقناع مهما حاولت وتسحبت بنعومة تترك جدتها وصاحبتها حتى اذا دلفت لغرفتها ارتفعت يدها نحو السلسال الصغير الذي يلتف حول رقبتها تتحسسه بزفير خرج بدفعة كثيفة من هواء تشبع بحنينها والإشتياق المرير لتغمغم بتمني
امتي بجى الغايب يعود والطير المهاجر يرجع لوليفه!
على جانب الطريق الصحراوي والقريب من الزراعات
توقفت سيارة النقل الثقيلة والمحملة بأطنان من أجولة الدقيق ليترجل منها يسحب مساعده نحو الذهاب إلى القهوة المعروفة لاستراحة السائقين في هذا الوقت من الليل قبل الشروع في رحلاتهم نحو وجهاتهم نحو المراكز والمحافظات.
يشاكسه كالعادة بلف ذراعه حول رقبته
ياض مش ناوي تتجوز ياض وتكمل نص دينك اتجوز يا ولدي خليني أحضر فرحك.
يا عم حجازي انا عايز والله بس هي فين دي صاحبة الموصفات اللي رايدها هاتلي واحدة شبه ياسمين صبري وانا اتجوزها من عشية.
ضحك مقهقها يردد خلفه بتفكه
ېخرب مطنك يا جزين ياسمين صبري مرة واحدة ليه فاكر نفسك ابو هشيمة.
وه يا عم حجازي دا انا احسن منه والنعمة .
يا راجل
استمرا الاثنان بمزاحهم حتى وصلوا ليتخذوا مقاعدهم داخل محيط القهوة من الداخل غافلين عمن وقف يراقبهما وقد تفاجأ بظهورهم بالصدفة في هذه الوقت من حضوره وانتقلت عيناه نحو السيارة التي كانت في موقع متطرف لحجمها الكبير بعيدا عن باقي السيارات وعيناه تركزت عليها وكأنه وجد فرصته.
... يتبع
الفصل الخامس
طرق عڼيف على باب الغرفة جعله يستيقظ عن نومه بفزع وصوت شقيقته من الخارج يصل لاسماعه تهتف منادية باسمه بنبرة يتخللها الارتياع زاد من توجسه
فهذا الفعل منها وبهذه الصورة لا يصدر الا اذا كان الأمر جلل
أيوة يا روح انا صحيت اها.
قالها وقدميه تخطو نحو الباب كي يرى ما بها متجاهلا زمجرة لزوجته الحانقة من خلفه
اعوذ بالله يارب في حد يصحى الناس كدة وعلى خمسة الفجر كمان
حدجها بنظرة محذرة قبل أن يضع يده على مقبض الباب كي تغلق فمها حتى إذا ما ظهرت شقيقته أمامه خرج صوتها بلهفة وكلمات سريعة غير مترابطة
اللحج يا غازي البلد كلها مجلوبة برا على سيرة العربية التريلا اللي اتجلبت في الترعة الكبيرة البس بسرعة عشان تحصل الناس وتشوف اللي كانوا سايجبنها ايه ظروفهم روح طمنا يا واد ابوي
طالعها بعدم فهم يسألها مستفسرا
عربية ايه ومين هما اللي اطمنك عليهم
على صوتها بعدم احتمال للاخذ والرد
بجولك عربية تريلا يا غازي واللي كانوا سايجها طالع كلام انه جوز بت عمك هريدي.
يا مري حجازي
صاحت بها فتنة بصوت أجفلهما وذلك لالتماسمها الاهتمام منها وهذا قلما يظهر
عليها في أي أمر لا يخصها استدركت لتصحح سريعا موضحة
ما هو يبجى جوز نادية ودي بت عمي وصحبتي برضو من مدرسة الصنايع.
نادية مين
اردف بالسؤال ليفاجأ برد فعل شقيقته التي هتفت به صاړخة
تاني هتسأل اتحرك يا غازي وشوف المسؤلين اللي تعرفهم نادية تبجى بنت عمك هريدي واخت عزب شريك ناجي اخو مرتك يعني في كل الأحوال أمرها يهمنا .
اومأ بتفهم ليتحرك برأس مثقل ما زال متأثرا بالنعاس وتناول هاتفه كي يقف على حقيقة الأمر من المسؤلين أولا
وفي خارج في المنزل
كان الخبر قد انتشر كاشتعال الڼار في الهشيم لتزحف اعدادا مهولة من البشر تهرول نحو موقع الحاډث الذي تم في جوف الليل ولا شواهد حتى الان تونبئ عن السبب الحقيقي لها ان كان حاډث مدبر أم هو قضاء وقدر بالإضافة إلى المصير المجهول لقائدها ومساعده
كانت هي ضمن من علموا وذلك لانقطاعه المفاجئ عن مكالمتها او حتى الرد على اتصالاتها العديدة برقم هاتفه حتى تمكن منها القلق ليسرق النوم من أجفانها والراحة من بدنها فظلت على محاولاتها حتى يأست لتتصل على شقيقها لمساعدتها في السؤال وكان رده القاسم لها حين أخبرها بالمقولات المتواترة من أهل البلدة يطالبها بالانتظار حتى يذهب ويتأكد بنفسه ولكنها لم تفعل بل خرجت على الفور بعباءتها السوداء تهيم على وجهها نحو المكان الموصوف دون تفكير أو تردد لتقابل بنظرات الاشفاق العديدة من الجمع المتجمهر في بقعة الحاډث.
كانت كالتائهة تطالع الوجوه بأعين مشتتة خاوية تبحث بعيناها عن مقصدها غير منتبهة لأي شيء حولها ولا بغرابة مجيئها حتى وقعت انظارها على القسم الخلفي من السيارة المنقلبة في قلب المصرف العميق لوهلة شعرت بقلبها توقف عن النبض قبل أن تتمالك لتتعمق حتى وصلت لموضع الماء وقد أصبحت الصورة أقرب واعين الجميع تلفتت إليها حتى انتبه لها شقيقها ليهرول لها بغضبه يمنعها من التقدم
انتي اتجنيتي يا نادية جاية برجلك ولوحدك كمان ارجعي خلصي على ما نشوف اخرتها.
خرج صوتها المهتز باهتزاز قلبها من الداخل وكلمات غير مترابطة
دي عربيته.... عربيته يا عزب..... طب هو فين سابها ومشي ولا بدل مع واحد تاني يسوجها بداله اكيد مش هو اللي بيدوروا عليه دلوك صح أكيد
علم أنها ليست على حالتها الطبيعية لذلك فضل التعامل معها بتريث يهادنها بالحديث
اكيد طبعا تعالي معايا استنيه في بيتك ياجي بنفسه ويطمنك بلاها منها الجاعدة هنا وسط الرجال تعالي يا بت ابوي
لاه انا مش متحركة من هنا غير لما اتأكد بنفسي.
صاحت بها بوجهه تجفله بقوتها حتى عاود محاولاته بانفعال وحزم قابلته بإصراراها غير قابلة عن تحريك
قدمها ولو خطوة للخلف حتى اصطدمت بمشهد أحد الأفراد الذي كان يتم إخراجه محمولا على الأيادي ورأت طرف الثياب المبتل يعلمها عن صاحبه لتخرج صړخة باسمه شقت
متابعة القراءة